متكلّما لتوهّم العوامّ أنّ القرآن ليس كلام الله ـ تعالى ـ بأن يكون معنى القرآن من الله ـ تعالى ـ ولفظه من الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، لأنّه يجوز أن يكون معنى كونه ـ تعالى ـ خالق كلّ شيء أنّه خالق كلّ شيء اعمّ من أن يكون بواسطة أو بغيرها ، فيتوهّم أنّ خلق الكلام بواسطة النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ؛ فورد الشرع بانّ الله خالق الكلام اللفظي كالنبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وغيره من افراد الانسان. غاية ما في الباب أنّ غيره ـ تعالى ـ محتاج إلى الآلة المخصوصة بخلافه ـ سبحانه ـ ، كما ان الله ـ تعالى ـ سميع وبصير من دون الاحتياج إلى الآلة المخصوصة.
ومنها : إنّ قوله : « ولو بقوّة لزم القدح في كونه متكلّما » ، يرد عليه : أنّ هذا انّما يرد لو نفوا كونه ـ تعالى ـ موجدا للأصوات والحروف الدالّة على المعنى بالوضع ، وهم لا ينفون ذلك ، بل يبالغون في اثباته! ، وانّما ينفون الكلام النفسي الّذي اثبته الأشاعرة لقيام البرهان على بطلانه ؛ ولا يلزم من هذا النفي القدح في اثبات ما هو الكلام حقيقة ، بل هو نصرة في اثباته ؛ هذا.
وقال العلاّمة النيشابوري في تفسيره : إنّه لا برهان على أنّ كلّ صوت يقوم بجسم ولا على أنّ كلّ حرف فانّما يقدر عليه ذو جارحة ، بل لعلّ ذلك في الشاهد فقط. فالكمال القديم كمال قديم ناطق وسميع وبصير ولا آلة ولا جارحة ، كما أنّه ادراك وعلم من غير قوى وعضو. ومن لم يدركه كما ينبغي فلا يلومنّ إلاّ نفسه ، فانّ كلامه كتابه وكتابه صواب وقوله فصل وحكمه عدل ؛ انتهى.
وأنت خبير بانّ هذا الكلام انّما يصحّ على قول من قال : أنّ اللفظ موضوع للمعنى المشترك بين الوجود الذهني والوجود العيني ، فانّه على هذا القول يصحّ أن لا يكون الحروف قائمة بالجسم. وأيضا قوله : « فالكلام القديم إلى آخره ـ » إنّه يصحّ لو حمل الكلام على المعنى المصدري ـ أي : كون الذات بحيث تحصل منه القاء الكلام بمعنى ما به التكلّم إلى المخاطب ـ ، أو حمل على ما يتكلّم به ؛ وحكمه عليه بالقدم باعتبار اندراجه في العلم القديم.
قال بعض المشاهير : وليعلم أنّ مرجع تحقيق صاحب المواقف والمحقّق الدوانى و