تلك الصور موجودات لا بالذات بل بالعرض بتبعية وجود الأشخاص المقترنة بجسم مشفّ وسطح صيقل على شرائط مخصوصة ، فوجودها في الخارج وجود الحكاية بما هي حكاية ، وهكذا يكون وجود المهيات والطبائع الكلّية عندنا في الخارج ، فالكلّى الطبيعي ـ أي : الماهية من حيث هي ـ موجود بالعرض لأنّه حكاية الوجود وليس معدوما مطلقا ـ كما عليه المتكلّمون ـ ، ولا موجودا أصيلا ـ كما عليه الحكماء ـ ، بل له وجود كلّي. وإذا كان جميع صور الأشياء مترائية من ذات الواجب ـ كما يتراءى الصور من المرآة / ١٥٧ DB / من غير لزوم تكثّر وتركّب ـ فمشاهدة الواجب لذاته يقتضي مشاهدته ـ تعالى ـ لتلك الصور المترائية.
وأنت خبير بأنّ هذا الوجه لا يناسب أسلوب المباحثة والنظر ، ولا يوافق القواعد العقلية الّتي لنا إلى دركها سبيل ، فالاعراض عنه حقيق!.
وثالثها : ما اختاره جماعة من محقّقي الحكماء والعرفاء ، وهو : انّه لمّا ثبت استواء نسبة جميع اجزاء الزمان والمكان إليه ـ سبحانه ، لكونه تعالى مجرّدا غاية التجرّد ومنزّها عن الوقوع في شيء من الأزمنة والأمكنة ومن أن يتجدّد بالنسبة إليه شيء دون شيء ـ فالأشياء الكلّية والجزئية حاضرة عنده ومنكشفة لديه في الأزل ، لا بمعنى أنّها موجودة في الأزل والأزل ظرفها حتّى يلزم قدم كلّ حادث ، بل بمعنى انّ كلّ حادث في وقت وجوده حاضر عنده ـ تعالى ـ منكشف لديه مع كونه في الأزل ، فهو عالم بجميعها بالعلم الحضوري الانكشافي ، ويرى في الأزل الأشياء في الأبد بانكشاف ذواتها لديه وان كان بعضها بالنسبة إلى بعض غير موجود بعد وغائبا عنه. وليس علمه بشيء من الأشياء بارتسام صورة لا في ذاته ولا في غيره. نعم! ، جميع الصور الإدراكية الحاصلة في المدارك العالية والسافلة ـ تصورية أو تصديقية صادقة أو كاذبة بل جميع الأوهام والخيالات لكلّ متوهّم ومتخيل ـ حاضرة عنده ـ تعالى ـ مع مداركها الّتي هي محالّها ومعلومة له ـ تعالى ـ بنفس تلك الصور. وليس تلك الصور علما له ـ تعالى ـ بما سوى ذوات تلك الصور ، والمعلومات بتلك الصور للمدارك المذكورة معلومة له ـ تعالى ـ بنفس ذواتها لا بتلك الصور. والحاصل : انّ جميع الأشياء الممكنة من المجرّدات والمادّيات بالقياس إلى