المقوّم للأشياء يلزمه كونه قادرا ـ ببعض المعاني ـ وموجودا وجوادا ورازقا ومصوّرا ـ إلى غير ذلك من الصفات الاضافية ـ ، والمقيم للأشياء العالم بها يلزمه كونه حيا ـ لأنّ الحيّ هو الفعّال الدرّاك ، كما علمت ـ ، فاللازم لذاته ـ سبحانه ـ ليس إلاّ صفة واحدة هي القيومية المطلقة. ولزومها له ـ سبحانه ـ من حيث انّها صفة واحدة بسيطة ولها جهة وحدة لا من حيث انّها كلّية ولها جهة كثرة يندرج لأجلها جميع الصفات تحتها ، فمن حيث إنّ لزومها له ـ تعالى ـ من جهة وحدتها وبساطتها لا من جهة كثرتها ومن حيث انّ كلّ الصفات مندرجة تحتها يتحقّق ما يشترط تحقّقه بين العلّة والمعلول ـ من التكافؤ والمناسبة ـ. واشتمالها على جهة الكثرة من حيث اندراج كلّ الصفات تحتها لا يوجب رفع المناسبة بين العلّة والمعلول وصدور الكثير من الواحد لأنّ ما يرفع المناسبة بين العلّة والمعلول إنّما هو إذا كان المعلول كثيرا غير مشتمل على جهة وحدة وصدر من حيث انّه كثير من الواحد من حيث هو واحد ، وأمّا إذا كان للكثير جهة وحدة ومن هذه الجهة صدر عن الواحد أو كان صدور الكثرة في مراتب فلا منع فيه ، فانّه لو كان للكثير اشتراك في جهة واحدة يكون التعلّل بينه وبين علّته الواحدة البسيطة بهذا الاعتبار ، أو كان صدور الكثير عن الواحد في مراتب لكان الصادر عن الواحد بالحقيقة واحدا ؛ فلا يلزم ارتفاع المناسبة بين العلّة والمعلول. فقد ثبت انّ الوجود الصرف يلزمه جميع الصفات الكمالية من دون لزوم اختلاف جهات وتغاير حيثيات فيه.
وقد تلخّص ممّا ذكرناه إنّ صفاته ـ تعالى ـ سواء كانت حقيقية غير ذات اضافة ـ كالحياة والأزلية ـ أو حقيقية ذات اضافة ـ كالعلم والقدرة ـ أو اضافة محضة ـ كالخالقية والمصوّرية وغيرهما ـ ليس لها مبدأ زائد في ذاته كما هو فينا ، فانّ لكلّ واحد من هذه الصفات إذا أخذ / ١٩٢ DB / بالقياس إلينا يكون له مبدأ عرضي قائم بنفوسنا ، فانّ الانكشاف الحاصل لنا يتوقّف على صورة علمية قائمة بأنفسنا والقدرة بمعنى التمكّن من الفعل والترك يتوقّف على قوّة قائمة بانفسنا ـ إلى غير ذلك ـ ؛ والمبدأ لجميع هذه الصفات ـ الّتي هي معان ومفهومات ـ بعضها متحقّق في مرتبة ذاته ـ تعالى ـ وبعضها متحقّق بعد ذاته ليس إلاّ ذاته ـ سبحانه ـ من دون افتقار إلى صورة وملكة و