« المساواة » ؛ والوحدة الوضعية ويسمّى « مطابقة » ؛ والوحدة الاضافية ويسمّى « مناسبة » ؛ والثانية ـ أعني : الوحدة في الموضوع ـ كما تقول الحلو والأبيض واحد ، أي : هما محمولا شيء واحد وموضوعهما واحد هو السكّر مثلا.
ثمّ لا ريب في أنّ شرف كلّ موجود بغلبة الوحدة فيه ، وكلّ ما هو أبعد من الكثرة فهو أشرف وأكمل ، فالأحقّ بالوحدة الحقيقية ـ أي : الوحدة الحقّة الصرفة الّتي هي ذات الواحد بما هو واحد ـ موجد الكلّ وقيّوم العالم ، فهو لا ينقسم أصلا لا في الكمّ ولا في الحدّ لا بالقوّة ولا بالفعل ، ولا ينفصل وجوده عن مهيته. وسائر الأشياء يستفيد الوحدة منه ، إذ له الوحدة بالذات ولسائر الأشياء الوحدة بالغير ؛ بل هو الوحدة فقط ووحدة سائر الأشياء بالارتباط إلى وحدته الحقّة. فواجب الوجود لا يوصف بشيء من انحاء الوحدة الغير الحقيقية ، فلا شريك له في شيء من المعاني والمفهومات بالحقيقة ، فاذ لا جنس له فلا مجانس له ، وإذ لا نوع له فلا مشاكل له ، ولا يوصف بكيف فيشابه ولا بكم فيساوى ولا بوضع فيطابق ، واضافته إلى الأشياء ليس إلاّ قيوميته الايجابية لها الّتي لا توجد في غيره ـ تعالى ـ ، فلا يناسبه شيء أصلا.
تذنيب
اعلم! ، أنّ للقوم في اثبات التوحيد مسلكين :
أحدهما : اثبات وحدة الواجب بالذات ، ووحدة إله من دون التقييد بالعالم ؛
وثانيهما : اثبات وحدة إله العالم.
وجميع البراهين المتقدّمة انّما دلّت على اثبات وحدة الواجب بالذات ولا يثبت منه وحدة إله العالم ، إذ مجرّد وحدة الواجب بالذات لا يوجب كون الإله المؤثّر في العالم واحدا ، فلا بدّ لنا من اثبات وحدة الإله الخالق للعالم.
فنقول : القوم استدلّوا على ذلك بوحدة العالم ؛ وتقرير هذا الاستدلال : إنّ اجزاء العالم يرتبط بعضها ببعض وينتفع بعضها من بعض بحيث لا ينظم حال بعض بدون آخر ـ كما في اعضاء حيوان واحد ـ فانّ من لاحظ العالم بجميع اجزائه يجد أنّ فيما بين اجزائه