قيوميته لا تكون في شيء من المراتب بحسب القوّة وكذا علمه بشيء من الأمور الّتي يمكن وقوعها ليس ظنّا ، بل أشدّ العلوم ظهورا واشرافا ، لانّ اسباب وجود الممكن يرتقى إليه وهو يعرف الممكن بأسبابه الّتي بها يجب وجوده. وفي كلامهم تنبيهات على ذلك ، قال الشيخ في التعليقات : « الأشياء كلّها عند الاوائل واجبات (١) ليس هناك امكان البتة ، فاذا كان شيء لم يكن في وقت فانّما يكون من جهة القابل لا من جهة الفاعل ، فانّه كلّما حدث استعداد من المادّة حدثت فيها صورة من هناك ـ إذ ليس هناك منع وبخل ـ ، فالاشياء كلّها هناك واجبات / ١٥٧ MB / لا تحدث وقتا ويمتنع وقتا ولا يكون هناك كما يكون عندنا ».
وإذ عرفت ذلك عرفت أيضا انّ الواجب ـ تعالى ـ يعلم ذاته بذاته ويعلم ذوات المجعولات العينية بذواتها وبنفس وجوداتها ، وانّ اضافته القيومية إلى الأشياء هى بعينها اضافته الاشراقية النورية ـ على ما هو مذهب شيخ الاشراق ـ ؛ / ١٥٦ DB / فاعلم انّه كما انّ كماله ـ تعالى ـ في ايجاده للاشياء هو كونه من تمامية الوجود وفرط التحصّل على نحو يفيض عنه جميع الموجودات وليس كماله فيه بانتساب الموجودات إليه وافاضته لها ـ أي : هذا المعنى السلبى ، إذ هي في مرتبة متأخّرة عن مرتبة وجوده وكماله ـ بل الغاية والكمال في الافاضة منه والايجاد هي نفس ذاته المقدّسة وليس شيء سوى ذاته كماله ـ سبحانه ، لانّه غني عما سواه ـ ، فكذلك كماله في علمه بالأشياء ليس بنفس حضور الأشياء أو صورها عنده حتّى يكون بحيث لو لم تكن ذواتها العينية أو صورها العلمية أو انكشافها الشهودية في مرتبة ذاته بل تكون في مرتبة متأخّرة عن ذاته ـ كما هي في الواقع ـ لزم كونه فاقدا لكمال في مرتبة ذاته واجدا له في مرتبة متأخّرة عنها ويلزم منه استكماله بغيره بعد نقصه في حدّ ذاته ـ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ـ ؛ بل كماله في العلم أن يكون ذاته بذاته منشأ لانكشاف الأشياء بذواتها وكان في العاقلية إلى غاية يستتبع له انكشاف ذاته بذاته على ذاته انكشاف ذوات الاشياء بذواتها على ذاته ، بناء على انّ معلولاته من حيث أنّها معلولاته معقولاته وبالعكس بلا تفاوت بالذات أو
__________________
(١) الاصل : ـ واجبات.