جزئيات كونه عالما بوجه كلّى ؛ فقال : « اعلم! ، انّ قول الشيخ صريح في نفي العلم الزمانى المتجدّد لا نفي العلم مطلقا ، لأنّه قيّد العلم المنفي بالزماني المحض حيث قال : « عقلا زمانيا محضا ». وقوله : « على نحو آخر » صريح أيضا في أنّ الواجب ـ تعالى ـ له علم بالمتغيرات لكن لا بوجه يكون ذلك العلم متغيرا متجدّدا زمانيا ؛ لأنّه لم ينحصر العلم بالمتغيرات بكون ذلك العلم متغيرا متجددا زمانيا ، بل يتصوّر أن يكون العلم بالمتغيرات بوجه لا يكون متغيرا متجدّدا زمانيا. وبالجملة كلام الشيخ يأبى ـ كلّ الإباء ـ عن حمله على نفي العلم بالمتغيرات راسا ، وكون المعلوم من المتغيّرات إنّما هو الطبيعة الكلّية وعدم كون الأشياء المتغيّرة المشتملة على الطبيعة معلومة بالذات ، بل كون المعلوم بالذات هو الطبيعة. وكأنّ من حمل كلام الشيخ على هذا قصر نظره في قوله : « إنّما يعقل كلّ شيء على نحو كلّي » ، واغترّه لفظ « الكلّي » ولم ينظر إلى ما وقع بعد تلك العبارة بلا فاصلة ، وهو قوله : « ومع ذلك فلا يعزب عنه شيء شخصي ولا يعزب عنه مثقال ذرّة في السموات ولا في الارض ».
ثمّ قسم العلم بالأشخاص الجسمانية من حيث أنّها اشخاص جسمانية إلى قسمين :
أحدهما : العلم الاحساسي الانفعالي المستفاد من وجود المعلوم الحاصل بآلة متجزّئة ؛
وثانيهما : العلم الحاصل من جهة الاحاطة بجميع العلل والأسباب المسلسلة المنتهية إلى الاشخاص الجسمانية من حيث هي أشخاص جسمانية ، وهذا يعبر عنه بالعقل التامّ وبالعلم بالجزئي على الوجه الكلّي إمّا لأنّه كتعقّل الطبائع الكلّية في الثبات أو لأنّه ـ تعالى ـ يعلم بهذا العلم بالجزئيات بالكلّية.
ثمّ قال : « وغرض الشيخ من الكلام المذكور ليس إلاّ نفي القسم الأوّل عنه ـ تعالى ـ واثبات القسم الثاني له ـ سبحانه ، ـ فانّ قوله : « بل واجب الوجود إنّما يعقل كلّ شيء على نحو كلّي » ليس مراده إلاّ أنّ الجزئيات المتغيّرة يعلمها الواجب علما تعقّليا فعليا ويعلم جميعها معا لا بقياس وفكر وبنقل من معلوم إلى معلوم ، بل يعلم جميعها علما تامّا محيطا بالكلّ. وهذا العلم ـ كما اشير إليه ـ يعبر عنه بالعقل التامّ الغير الزماني. وينادي على ذلك بأعلى الصوت قوله : « ومع ذلك فلا يعزب عنه شيء شخصي ولا يعزب عنه