فاعلم ذلك » ؛ انتهى ؛ اعلم : انّك قد عرفت انّ الحقّ انّه لا تغير في علمه أصلا ولا تغير في الاضافات والحضورات بالنسبة إليه ـ تعالى ـ أصلا ، وجميع الأشياء أيضا حاضرة منكشفة لديه أزلا وأبدا ـ سواء وجدت أو لا ـ. وليس حضور كلّ منها عنده ـ تعالى ـ منحصرا بالحضور في وقته ؛ وحينئذ نقول : ما ذكره هذا العلاّمة من تسليم التغيّر في الحضورات والاضافات إن اراد انّه يحصل التغيّر فيها بالنسبة إليه ـ تعالى ـ فهو باطل ؛ وإن اراد انّ التغيّر فيها ليس بالذات بل بالعرض والتبعية بمعنى انّه نعلم انّ هذه الجزئيات المتجدّدة مختلفة النسب والاضافات فاختلاف نسبة الباري ـ تعالى ـ إليها ليس إلاّ بطريق وصف الشيء بحال متعلّقه فهو مسلّم مطابق لما ذكرناه.
وقوله : « حاضرة بذواتها عنده ـ تعالى ـ كلّ في وقته ومكانه » الظاهر انّه اراد بحضور كلّ في وقته أن « يكون في وقته » ظرفا للحضور ، أي : كلّ منها حاضرة في وقته ـ كما يدلّ عليه قوله بعد ذلك : « وليعلم انّ التغير في الحضورات إنّما هو باعتبار اختصاص كلّ حضور بزمان معين ومكان معيّن » وهذا ليس مذهب التحقيق ولا مراد المحقّق ، لأنّه إذا كان حضور كلّ في وقته لا دائما لم يكن لاستواء نسبة الأزمنة إليه ـ تعالى ـ معنى ، بل / ١٧٨ MA / الحقّ انّ كلاّ منها / ١٧٨ DB / في وقته حاضر عنده ـ تعالى ـ أزلا وأبدا لاستواء نسبة جميع الأزمنة إليه ـ تعالى ـ ، فالصواب أن يجعل « في وقته » ظرفا « لكلّ » وفائدته أنّ كل شيء مع كونه في وقته حاضر عنده ـ تعالى ـ دائما.
قال بعض الأفاضل في توجيه كلام الخفري ـ رحمهالله ـ : انّ غرضه انّ للأزمنة والأمكنة وما فيها من الحوادث ثلاث حالات :
إحداها : النسبة الّتي تغير بالقياس إليه ـ تعالى ـ ، وهي ـ أي : الأزمنة بما فيها بهذه النسبة المسمّاة « بالدهر » ـ مساوية ـ أي : لا يكون فيها تغير وتجدّد أصلا ، سواء كانت حضورات المتجدّدات والمتغيّرات باعتبار اختصاص كلّ حضور بزمان معيّن ومكان معيّن أو لا ـ ، ففي تلك النسبة لكونها دهرية متعالية عن حيطة الزمان لا تغير بوجه من الوجوه