بأنّ التعقّل عين الوجود الخارجي. وبذلك يظهر ضعف ما قال بعد ذلك : انّ عدم كون الوجودات العينية للأشياء وصورها العلمية / ١٥٨ MA / وظهوراتها الخارجية له ـ تعالى ـ في مرتبة ذاته ووجوده وعدم كونها داخلة في قوام ذاته لا بأس به بل لا يصحّ غير ذلك. لانّ كل ما هو معقول له فهو معلول له سوى نفس ذاته المقدّسة ، والمعلول كيف يساوي العلّة في مرتبة الوجود أو يتقدّم عليها؟!. وكما انّه لا يلزم من ايجاده ـ تعالى ـ للأشياء كون وجودها في مرتبة ذاته بل اللازم كونه بحيث يتبع وجوده وايجاده وجود الأشياء وصدورها عنه ، فكذلك لا يلزم من عاقليته لها كون صورها العقلية وانكشافاتها في مرتبة ذاته ، بل اللازم في مرتبة ذاته كونه بحيث يلزمه اضافة العالمية وهو / ١٥٧ DA / متحقّق ، لانّ ذاته في مرتبة ذاته بحيث ينكشف له المعلومات ويظهر له ما يصحّ أن يكون معلوما.
ووجه الضعف ما علمت من الفرق بين الايجاد والانكشاف ، فانّ الأوّل ليس كمالا مطلقا للموجود بخلاف الثاني ؛ والايجاد لا يمكن تحقّقه بدون الوجود الخارجي بخلاف الانكشاف ، وليس هو شيئا زائدا عن ذاته داخلا فيه حتّى يلزم أن يكون غيره ـ سبحانه ـ داخلا في قوام ذاته ، بل هو صفة اضافية لازمة للتجرّد مؤكّد له ولا يوجب كونه في مرتبة ذاته تركّبا ولا تكثّرا.
ثمّ غير خفي بأنّ ما ذكره هذا المحقّق من العلم الكمالي هو بعينه العلم الاجمالي على الاحتمال الثاني من دون تفاوت أصلا ، وما ذكره من الاضافة الّتي هي بعد الذات هو العلم التفصيلي ، فكلامه راجع إلى ما ذكره العلامة الخفري ـ رحمهالله ـ بعينه ، فيرد عليه ما أوردناه عليه. وقد تفطّن هو بذلك حيث قال بعد كلامه المذكور : وإذا حقّق الأمر على ما ذكرنا فلا بأس بأن يسمّى ذاته ـ تعالى ـ علما إجماليا بجميع الموجودات على ما يوجد من كلامهم من انّه ـ تعالى ـ يعلم الأشياء بعلم واحد اجمالي قياسا على العلم الاجمالي ، والعقل البسيط المذكور في كتاب النفس ـ أي : الّذي يكون مبدأ للمعقولات المفصّلة النفسانية الكثيرة بعد محافظة تقدّسه تعالى عن شوب القوّة ومراعات الفرق بينهما من وجوه الملابسة ـ انّما هي باعتبار كون العقل البسيط والعلم الاجمالي مبدأ للمعقولات