هي صحّة الفعل والترك مع أنّها صفات منتزعة عنه ، ونحن نعلم انّ المنتزع غير المنتزع منه ، فانّ الحصّة المعيّنة من الانكشاف المنتزعة عن الواجب وإن لم يحتج انتزاعه إلى أمر آخر زائد سوى الواجب إلاّ انّه ليس عينه ، وكما أنّ الحصّة المعيّنة من الوجود العامّ المنتزعة عن الواجب ـ تعالى ـ ليس عينه وكذا الفوقية المنتزعة عن السقف ليست عينه فكذا التعقّل ـ أعني : الانكشاف الحاصل للواجب ، أي : الظهور اللازم لذاته المنتزع عن حقيقته ـ غير ذاته ، فكيف يكون الذات فردا منه ومصداقا له؟! ؛ بل المصداق للتعقّل العامّ بالعقل المجرّد لذاته انّما هو هذا التعقّل الخاصّ الحاصل له ، سواء قيل : انّه فرد من التعقّل العامّ أو حصّة منه ، كما انّ المصداق أو الفرد او الحصّة أو ما يشابه ذلك لمطلق الفوقية ليس عين هذا السقف ؛ بل الفوقية المنتزعة عنه.
لأنّا نقول : قد يجيء انّ العلم يطلق على ثلاثة معان :
أحدها : المعنى الاضافي المصدري ؛
وثانيها : ما ينكشف به الشيء ؛
وثالثها : الملكة الّتي نقتدر بها على استحضار المنكشفات.
والمراد من كون الواجب فردا للعلم انّه فرد للعلم بمعنى ما ينكشف به الشيء ، يعنى كما أنّ أحد افراده الصور الحاصلة / ١١٨ DA / القائمة بالنفس فكذا أحد افراده الذات المجرّدة فهو فرد لمطلق العلم بمعنى ما ينكشف به الشيء ، لا العلم بمعنى الانكشاف ـ الّذي هو أمر اعتباري ـ. مثال ذلك انّ ذاته ـ تعالى ـ فرد لمطلق الوجود قائم بذاته كما انّ وجود الممكن فرد منه قائم بغيره ، وليس فردا للوجود المطلق الّذي هو أمر اعتباري ، بل منشأه وليس فردا له. وبالجملة العلم بمعنى الانكشاف كيف يكون / ١٢٣ MA / حقيقة الوجود فردا منها والقدرة بمعنى صحّة الصدور واللاصدور كيف يكون صرف الذات فردا منه مع انّ حقيقة الوجود والذات غير الانكشاف وصحّة الصدور واللاصدور غير الايجاد وغير سائر الصفات الكمالية؟!. فالمراد انّ حقيقة الوجود فرد من العلم بمعنى ما ينكشف به الشيء والانكشاف من لوازمه الّتي يقتضيها ومن منتزعاته الّتي ينتزع عنه. وحينئذ فلو حمل ما ذكره الفارابى وبهمنيار وغيرهما من الفلاسفة من « أنّ تعقّل الواجب لذاته و