جوابه : أن له عدة أطروحات :
الأولى : ما فهمه المشهور وسمعناه عن العكبري ، من أن التقدير الملة أو الأمة. والفرق بينهما : أن الأمة هي مجموعة من الناس كيفما اتفق ، والملة هي الجماعة المتصفة بدين معين أو إيديولوجية معينة. فتكون النسبة بينهما العموم المطلق ، فكل ملة أمة ولا عكس.
فالملة حينما نطلقها ، فإننا نشير إلى دينها ، فهي قيمة بصفتها متدينة. فيترجح اختيار الملة على الأمة ، فيما إذا اخترنا هذا الوجه.
الثانية : حسب فهمي ، إن التقدير ينبغي أن يكون الجماعة ، لأن معنى القيم هو من لا قيم عليه ، أو قل هو القيم على الإطلاق الذي ليس فوقه قيم غير الله عزوجل ، فينصرف إلى أعظم الأفراد ، وهم المعصومون عليهمالسلام.
الثالثة : أن نقول : لا حاجة إلى التقدير ، لأنه لا يصار إليه إلّا مع الضرورة ، فيمكن القول بأن القيّمة وحدها تكفي وهي بمعنى : القيّمين.
وليس هذا غريبا في اللغة. أعني التعبير بالمؤنث عن الجمع. فيكون المعنى : القوّام أو القائمين ، أي المشرف والمدبر والمراقب. وهو مأخوذ من القيام وهو الوقوف. لأن الأغلب في المشرف أن يكون واقفا على ما يشرف عليه. ثم استعمل فيما كان فاقدا له مجازا ، ولكنه أصبح حقيقة منذ زمن قديم جدا.
والآية كما هو معلوم لم تشر إلّا إلى عنوان القيّمين ، ولكن من هم وممن هم وعلى من هم. فقد أهملت الآية التعرض لذلك عمدا ، لأن الحكمة اقتضت الاختصار.
ولكننا نستطيع أن نستنتج من السياق الجواب على أنهم : من قبل من هم؟ وذلك لأن الله تعالى في القرآن يشهد بأنهم قيّمون. فأخذهم بشكل مطلق وحق ولم يشر إلى أنهم منصوبون من قبل ناس آخرين. فيكون واضح الدلالة أنهم منصوبون من قبل الله سبحانه للقيمومة.