إن قلت : إن انقطاع الوحي لمانع ، خلاف عصمة النبي صلىاللهعليهوآله لما فيه من إشعار عدم الإصغاء للوحي.
قلت : أما من ناحية الكبرى ، وهو لزوم الإصغاء للوحي ، فلا إشكال في كونه مسلما به لأن الوحي من الله سبحانه. ولكنه قابل للمناقشة صغرويا لعدة أسباب :
أولا : إن المتكلم المباشر للوحي ليس هو الله سبحانه بل جبرائيل. يقول سبحانه (١) : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ). فخرجت الصغرى عن تلك الكبرى وهو صلىاللهعليهوآله أعظم وأهم من جبرائيل. فليس وجوب الإصغاء متحققا بالنسبة إليه.
ثانيا : إن الخواطر غير اختيارية حتى للنبي صلىاللهعليهوآله والوحي يعلم بذلك ، فيسكت حتى تنجلي.
ثالثا : إنه يمكن حصول شغل للنبي صلىاللهعليهوآله كدخول شخص عليه أو غير ذلك من عوارض الدنيا. فيتحول ذهنه اضطرارا عن الوحي. فسكت الوحي حينئذ. فلا بد من التكرار للارتباط.
سؤال : ما المراد من العبادة في قوله : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ).
جوابه : لمادة العبادة هنا عدة مستويات :
الأول : الدخول في الإسلام ، لأن المخاطب قريش. وهم عبدة أصنام. فخوطبوا للتحول إلى عبادة الله ، أو قل : للدخول إلى الإسلام.
الثاني : تقديم الشكر لله عزوجل على النعم العظيمة المذكورة في السورة الكريمة. على اعتبار أن المخاطب هو كل الناس ، في كل القرآن وهو سبحانه قد أمنهم من خوف وأطعمهم من جوع.
الثالث : الحج. أخذا بالقرينة المتصلة. أي فليعرضوا من هذه الرحلة إلى الرحلة إلى الحج والعبادة. والبيت هو محل الحج على أي حال.
__________________
(١) الشعراء / ١٩٣.