وأغلب النداءات تقول : يا فلان. فتكون دعاء. من وجهة نظره.
الوجه الثالث : إن قوله تعالى : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ). دعوتان متقابلتان ، فيها نكات لطيفة سبق بعضها :
أـ إنهما بمادة واحدة وهي مادة الدعوة أو الدعاء.
ب ـ إن الأولى دعوة بالباطل والثانية دعوة بالحق.
ج ـ إن الدعوة الأولى ضعيفة والثانية قوية.
د ـ إن الدعوة الأولى غير محرزة الطاعة. حين يدعو ناديه ، فلعلهم لا يستجيبون إليه. في حين أن الدعوة الثانية يقينية الطاعة ، لأن الملائكة : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ)(١).
وبذلك نلاحظ نقاط الضعف للدعوة الأولى ، ونقاط القوة للدعوة الثانية. وهي مقصودة في التهديد والتهويل لا محالة.
سؤال : عن هدف السورة؟
جوابه : إن السورة بعد تمجيد الله سبحانه بذكر الخلق والتعليم بالقلم. وذكر نعمه في الآيات الخمس الأولى. تكون بعدها مكرسة لتهديد الفاسدين من الناس :
أولا : بعنوان الإنسان الذي يطغى.
ثانيا : بعنوان الذي ينهى عبدا إذا صلّى.
ثالثا : بعنوان إنّه كذب وتولّى.
وكلها راجعة إلى عنوان واحد وهو العناد والكفر ، أو قل : الشرك بالمعنى الكلي ولا يراد به الجزئي.
وكذلك ضده يرجع إلى عنوان واحد كلي. وهو الهداية ، أو قل : المهتدي. وهو المخاطب بقوله : (كَلَّا لا تُطِعْهُ). وذلك لعدة أسباب :
__________________
(١) التحريم / ٦.