القول المشهور عن المجتهد المستنبط للأحكام : إنه إن أصاب فله كفلان من الثواب فإن أخطأ فله كفل واحد من الثواب.
قوله تعالى : (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ).
سؤال : لم لم توجد السين أو سوف التي تفيد الاستقبال. لأنه حسب ارتكاز المتشرعة : أن من ثقلت موازينه فسيكون في عيشة راضية أو سوف يكون كذلك. لأن ذلك لا يحدث إلّا حين يدخل الجنة. وأما في الدنيا أو في يوم القيامة فلن يكون في عيشة راضية.
أو نقول : إن ظاهر قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) أن الثقل والرضا متزامنان. مع أن الثقل في يوم القيامة والرضا في الجنة ، وهو متأخر عنه. فاحتاج إلى حرف التسويف. فكيف صح حذفه؟
جوابه : إن لذلك عدة وجوه :
الوجه الأول : إن هذا مما قد يحصل في الدنيا ، حين يكثر إيمان الفرد ويزداد يقينه ، ويجعل الله تعالى له من أمره فرجا ومحرجا ويسرا ، فيكون في عيشة راضية.
الوجه الثاني : إنه قد يدخل الجنة بلا حساب ، فلا يرى أهوال يوم القيامة ولا صعوبة الحساب. فيكون في عيشة راضية.
الوجه الثالث : إنه اختصار في التعبير باعتبار وضوح فوز الفرد وقرب دخوله الجنة ، فيكون من قبيل المجاز ، باعتبار مشارفة الحقيقة.
سؤال : ما المراد بالعيشة ، هل ذلك في الدنيا أم في الآخرة؟
جوابه : إن الظاهر الأولي العرفي من العيشة هي معيشة الحياة الدنيا ، إلّا أن ذلك لا ينافي إرادة الراحة في الجنة خاصة أو الأعم منها. فإن الحياة في الآخرة هي الحياة الحقيقية. كما قال الله تعالى (١) : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ
__________________
(١) العنكبوت / ٦٤.