المزيتين الأخيرتين قطعا. والثالثة لا تفيد المزايا الثلاث كلها أصلا. ومن هنا كان الرجحان للصيغة الأولى المشهورة.
وهنا قال في الميزان (١) ، باختصار : أصله تتنزل ، وفيه معنى التدريجية أقول : هل أن هذه الصيغة من الإنزال أو من التنزيل؟ مقتضى فهمه للتدريج هو الثاني. ومقتضى أصل المادة لغة هو الأول. فيقع في نحو من التهافت.
سؤال : ما المقصود بالروح في قوله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ؟).
جوابه : ليس هناك معنى مشهوري في هذا الصدد. بل هناك آراء متعددة تصلح كل منها كأطروحة.
الأطروحة الأولى : إن المراد به جبرائيل عليهالسلام. وخصّ بالذكر لأهميته ، بالرغم من اندراجه ضمن مفهوم الملائكة ، فيكون من عطف الخاص على العام ، أو قل : عطف الجزئي على الكلي.
الأطروحة الثانية : هو أعظم الملائكة. وفيه ما قلنا في الأطروحة الأولى.
الأطروحة الثالثة : هو خلق أعظم من الملائكة ، ولعله الأشهر بين جملة من المفسرين. وفي اعتقادي أنهم إنما ذكروه باعتبار ظهور التباين بين طرفي العطف : (الملائكة والروح) فلا يمكن أن يكون الروح مندرجا في معنى الملائكة.
وقد يدعم هذا الكلام : أن الملائكة والروح من سنخين : لأن وجود الملائكة من عالم الخلق والروح من عالم الأمر. وعالم الأمر أعلى من عالم الخلق. ومن سنخ آخر غير سنخه.
وبحسب فهمي فإن هذه الأطروحة بمنزلة (الكلي) والوجه الآتي أو الأطروحة الآتية تكون مصداقا وتطبيقا لها.
__________________
(١) ج ٢٠ ، ص ٣٣٢.