من المفكرين ، ستكون شاذة ومثيرة للاستغراب. وأما إذا لوحظت بدقة وموضوعية ، فستكون كسائر الأطروحات الصالحة للجواب عن السؤال التي هي بصدده.
ـ ٨ ـ
ومما ينبغي أن نلتفت هنا إليه أيضا : إن الاتجاه الواضح لكل المؤلفين تقريبا هو أن يعطي المؤلف للقارئ كل ما يعرف. ويحاول أن يسجل في كتابه كل شاردة وواردة مما يرتبط بموضوعه.
الأمر الذي ينتج أكيدا ، أننا نستطيع أن نقيّم المؤلف من خلال الاطلاع على كتابه ، لا أننا نقيّم الكتاب بغض النظر عن مؤلفه. لأن المفروض أن المؤلف ذكر كل ما يعرفه فيه. فلو كان يعرف أمورا أخرى لذكرها. وحيث إنه لم يذكرها إذن فهو لم يعرفها. ومن هنا تظهر الحدود الرئيسة لثقافة المؤلف لا محالة.
ولعل هذا ، إلى حد ما ، هو الاتجاه الذي كتبت به موسوعة الإمام المهدي عليهالسلام ، تأثرا بالاتجاه الواضح للمؤلفين كما أشرنا. ولأن الحقائق المبينة كلما كانت أكثر وكلما كان الاطلاع عليها أوسع لدى الآخرين ، كان ذلك أكثر فائدة وأوسع همة ، وبالتالي فهو أرجح في الدين وأرضى لرب العالمين.
إلّا أن هذا الأسلوب مما تمّ رفضه من قلبي أكيدا ، بعد ذلك ، انطلاقا من الحكمة القائلة : إن الحكمة ينبغي لها أن تخفى عن غير أهلها. فإذا أصبح الكتاب مطروحا في السوق ، وبيد تناول الجميع ، كانت النتيجة على خلاف ذلك بكل تأكيد. وقديما قيل : إن الكذب حرام ، ولكن الصدق ليس بواجب. وقيل : إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
وعلى أي حال ، فلا يجوز للفرد أن يقول كل ما يمكن أن يقال ، بل من الضروري أن يقتصر على ما ينبغي أن يقال.