سيرهم حيث سار الفيل ووقوفهم حيث وقف.
ثانيا : إن الفيل متقدم على الجيش كالقائد. فيكون أبرهة نفسه مسيّرا من قبل الفيل. وهم مسيرون من قبل أبرهة ، فيكون المجموع مسيرا من قبل الفيل. فصحّت النسبة إلى الفيل.
ثالثا : إن المكيين لو نظروا إلى الجيش المعادي لقالوا : جاء الفيل مع جيشه المواكب له. ولعل أفراد الجيش نفسه لا يلتفتون دائما أنهم في معية الفيل. ولكن هذا الشعور يكون واضحا لدى المشاهدين في مكة. والقرآن نزل من زاوية فهم الجيش المعادي.
سؤال : لما ذا قال : (فِي تَضْلِيلٍ) ، ولم يقل في إضلال؟
جوابه : ما قاله في الميزان (١) من أن التضليل والإضلال واحد. أقول : فالثلاثي : ضل ضلالا : وهو لازم. والرباعي منه يكون بالتضعيف : ضلل تضليلا. والتهميز : أضل إضلالا. ويكون متعديا على النحوين. وكلتا المادتين موجودتان في القرآن. غير أنه لم يرد بالتضعيف إلّا في هذا المورد. وذلك لأجل حفظ النسق القرآني في السورة : الفيل. تضليل. أبابيل ، سجّيل.
سؤال : كيف جعل الله تعالى كيدهم في تضليل؟ مع أن المفهوم منه هو التيه في الصحراء ، ولم يحصل.
جوابه : لعدة وجوه :
الوجه الأول : الإشارة إلى ضلال هدفهم أساسا وبطلانه ، وهو هدم الكعبة المشرفة. وإنما جعله الله تعالى كذلك لاستحقاقهم بخباثة أنفسهم.
فإن قلت : إن جعلهم ضالين ، بهذا النحو يلزم منه القول بالجبر.
قلت : أولا : إننا يمكن أن نتنازل عن هذا الوجه إلى الوجوه الأخرى ، فلا يلزم القول بالجبر.
__________________
(١) ج ٢٠ ، ص ٣٦١.