جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : إنها صيغة تعجب كقولنا : ما أحسنها أو ما أعظمها. لكنه أخذها في الآية جانب الإثبات وهو الإدراك ، لا جانب الثبوت.
الوجه الثاني : إن المقصود الناس ، لأن القرآن أنزل إليهم ، وإن كان الخطاب للنبي صلىاللهعليهوآله كما قال المثل : إياك أعني فاسمعي يا جارة.
الوجه الثالث : إنه استفهام يراد به التعظيم ، وليس الاستفهام الحقيقي ، كما قلنا في درس الأصول : إن الاستفهام في مثل هذا المورد هو معنى أولي للفظ ، والتعظيم معنى ثانوي ، وهنا يراد المعنى الثانوي خاصة.
الوجه الرابع : أن تكون (أدراك) من الإدراك أي تحصيل منزلة تلك الليلة ، على معنى (إدراكك). فيكون استفهاما تعظيميا لذلك الإدراك.
سؤال : لما ذا أصبحت خيرا من ألف شهر. أو بالأحرى ما معنى ذلك؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : إن العدد ليس للضبط فلا يفهم من الآية الحدية أي بشرط لا عن الزيادة والنقيصة ، بل المراد : شهور كثيرة جدا.
ورقم الألف أقصى رقم كان يتصوره العرب. وظهوره العرفي يدل على ذلك ، وإن كان الأصوليون يقولون بعدم إمكان إسقاط العنوان ، ولكن ذلك صحيح ما لم تقم قرينة ضده. والظهور العرفي هنا على هذا النحو.
إذن ، فيمكن أن يكون المراد أنها خير من الزمان كله لما فيها من الأوامر ومن العطاء.
الوجه الثاني : إن المشهور فسرها بألف شهر ليس فيها ليلة القدر. وقد ورد ذلك في بعض الأخبار (١). وهذا صحيح ، لأنها لو كانت فيها ليلة القدر لكانت مثلها ، ولم تكن دونها في الأهمية.
__________________
(١) الدر المنثور : ج ٨ ، ص ٥٦٨.