فَيَكُونُ). فمن للابتداء ، وتفيد السببية ، والمعنى تتنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بإذن ربهم مبتدأ تنزلهم وصادرا من كل أمر إلهي.
وإن كان هو الأمر من الأمور الكونية والحوادث الواقعة ، فمن بمعنى اللام التعليلية ، والمعنى تنزل الملائكة والروح في الليلة بإذن ربهم لأجل تدبير كل أمر من الأمور التكوينية.
أقول : يرد عليه عدد من الإشكالات السابقة.
الخامس : إن من للتبعيض. أي بعض الأمور أو الأوامر أو الأعم منهما. فإنه لا حاجة إلى نزولها كلها ، بل تنزل بمقدار الحاجة.
سؤال : عن معنى السلام في قوله تعالى : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
جوابه : قال الراغب في المفردات (١) : السلام والسلامة التعري من الآفات الظاهرة والباطنة. قال تعالى : (بِقَلْبٍ سَلِيمٍ). أي متعرّ من الدغل. فهذا من الباطن. وقال تعالى : (مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها). فهذا من الظاهر.
أقول : ويستعمل بمعنى السلامة من البلاء الدنيوي. وكذلك العافية من كل بلاء ومادة سلام لها معنيان :
الأول : ضد المرض.
الثاني : ضد الحرب.
وكلاهما ضد البلاء الدنيوي ، فهي سبب السلامة وعدم تكدّر البال. وهذا هو المشهور. ولكنه على خلاف المعنى الأصلي إذ لا فرق بين المؤنث والمذكر. وعلى أي حال ، فالسلام في السورة ، خير إلهي ورحمة إما بعطاء جديد أو دفع بلاء محتمل في الحرب مع الشهوات والشياطين وفسقة الإنس والجن.
__________________
(١) المفردات ، مادة : «سلم».