ثانيا : نفي وحدة السياق بينهما ، للفصل الكبير بين الآيتين. ويؤيده أن الألف واللام في كلا لفظي البينة جنسية ، في حين لو عملنا بوحدة السياق تعين كونها عهدية.
ولعل الآيتين لم تنزلا سوية ، فلم نحرز وحدة السياق. فيكون التمسك بها في المورد ، من باب التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
ثالثا : إنه لا ملازمة بين القصدين ، كما هو ظاهر ، وإن كان مظنونا بظن غير معتبر. ولا دليل عليه إلّا إجماع المفسرين ، والإجماع في غير الشريعة ليس بحجة.
إذن ، فالمراد الإطلاق من كلا الجهتين لأن كلّا من موسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم هم : رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة. فكلا البينتين يراد بها نفس المعنى ، وهو الأعم من كل الهداة.
سؤال : حول قوله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ). من حيث إن أمروا ، مبني للمجهول. والفاعل الحقيقي له هو الله تعالى : لكن هذا بلسان من؟ هو بلسان نبي بلا شك ، ولكن من هو؟
جوابه : فيه أطروحتان :
الأولى : الأطروحة المشهورة ، وهي الإسلام. كما حمل السياق السابق على الإسلام. ويكون المراد : أن الأوامر والتعاليم الإسلامية لا تختلف كثيرا عما عهدوه في أديانهم من المفاهيم والتعاليم. وهذا كلام ترغيبي للدخول في الإسلام ، لأنهم سيبقون إذا أسلموا ، على عاداتهم ، لا تتغير حياتهم كثيرا ، لكي يخشوا مثل هذا التغير والاختلاف. وهذا معنى جيد للعوام.
الثانية : إنه بلسان الأنبياء جميعا. فيكون إشارة إلى الدعوة النبوية العامة للأنبياء ، والمراد أن دعوة الإسلام بأصوله وفروعه عين دعوة أنبيائهم الواقعية. يعني : وما أمرهم الله دائما إلّا بذلك.
سؤال : عن معنى مخلصين. في قوله تعالى : (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ).