وذكر الرازي في هامش العكبري (١) ، احتمالات ستة أخرى :
١ ـ إنهما بمعنى واحد ، لا فرق بينهما ، وإنما الثاني تأكيد للأول.
٢ ـ إنهما مختلفان ، فقيل : الهمزة المغتاب ، واللمزة : العياب.
٣ ـ وقيل : الهمزة : العياب في الوجه ، واللمزة في القفا.
٤ ـ وقيل : الهمزة الطعان في الناس ، واللمزة : الطعان في أنساب الناس.
٥ ـ وقيل : الهمزة يكون بالعين واللمزة باللسان.
٦ ـ وقيل : عكسه.
فهذه ستة أقوال.
سؤال : هل هما للجمع أم للمفرد؟
جوابه : صيغة هذين اللفظين ، تناسب المفرد ، كما تناسب الجمع بدليل وجود ضمير في آخر السورة يعود إلى الجمع : إنها عليهم مؤصدة. وهذا لا ينافي دخول كل عليها حين قال سبحانه : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ). فإنه يراد بكل هنا ، كل مجموعة أو كل حصة ، وليس كل هماز ولماز. ومعه فيراد بها أقل الجمع ، على أقل تقدير. ولا يكون وجود كل دالا على عدمه.
وأما قوله تعالى : (الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ). فيراد بالموصول المفرد فيدل على أن الهمزة واللمزة يراد بهما المفرد.
إن قلت : إن الضمير عائد على الجمع ، كما عرفنا ، في حين أن اسم الموصول دال على المفرد. فيحصل تهافت في القرائن المتصلة.
قلت : كلا. فإن الضمير ، في الحقيقة ، لا يدل على أن الهمزة واللمزة للجمع ، وإنما يراد بهما الجنس ، أي الجميع ، وليس همازا معينا. فناسب إرجاعه ، جمعا ، ولا ينافي كون اللفظ مفردا لغويا ونحويا. ومن المعلوم أن اسم الموصول العائد إلى اسم الجنس ، دال على معنى اسم الجنس.
__________________
(١) ج ٢ ، ص ١٥٨.