وهناك أطروحة أخرى ، وهي : إنه ليس بالضرورة أن كل فعل متعد إلى مفعولين ، يأخذ مفعولين فعلا. بل يجوز أن يأخذ مفعولا واحدا. وهنا كذلك.
وبتقريب آخر : إننا قلنا : إن الرباعي استعمل بدل الثلاثي ، مجازا. ويمكن القول إنه اكتسب نفس صورته النحوية واللغوية ، بأن يأخذ مفعولا واحدا.
سؤال : لما ذا التكرار في «إيلافهم»؟
جوابه : أولا : ما عليه مشهور المفسرين ، وهو التأكيد. وفيه : إن التأكيد ليس مطلوبا دائما. لأنه ينبغي أن يكون مطابقا لمقتضى الحال. وجوابه : إن المراد بيان كثرة الألفة والهمة نحو الرحلة. فإنه لو لا هذه التجارة لماتوا جوعا. فالأهمية موجودة وتستحق التأكيد بالتكرار.
ثانيا : تغيير المتعلق. فإننا عند ما نقول : ألف زيد عمرا المكان. فإنه يطول الكلام نسبيا. فيمكن أن نقول بدلا عنه : آلف زيد عمرا ألف المكان. فقد دخل الأول على المفعول الأول والثاني على المفعول الثاني. أو نقول : دخل الأول على الفاعل والثاني على المفعول إذا كان متعديا إلى مفعول واحد.
وبهذه الأطروحة نكون قد حصلنا على مبرر للتكرار.
ثالثا : اختلال السياق اللفظي بحذف إيلافهم الثانية. وهو ما يدرك حسا وذوقا.
رابعا : وهي أطروحة لم تخطر على بال أحد. وهي أنه من المحتمل حصول بطء وتلكؤ في الوحي نسبيا. كما لو قال : لإيلاف قريش. وسكت لوجود مانع أو مصلحة. وحين أراد تجديد الكلام كان لا بد من تجديد الارتباط بدون تكرار كامل. فقال : إيلافهم والله تعالى يعلم بعلمه الأزلي ، البطء والتكرار. فأصبحت جزءا حقيقيا من القرآن. لأن النبي صلىاللهعليهوآله قرأها هكذا. والاحتمال مبطل للاستدلال.