يختلف ، بطبيعة الحال. فلا يوجد تكرار من هذه الناحية.
ويرد عليه نفس الإشكال السابق ، من أن قوله : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) مكررة بنفس اللفظ والمعنى ، فلا يصلح أن يكون وجها مستقلا.
وهناك بعض الأطروحات للتركيب بين هذه الوجوه السابقة :
الأطروحة الأولى : أن يكون التركيب المقترح كما يلي : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ، لا أَعْبُدُ) (في المستقبل) (ما تَعْبُدُونَ) (الآن) (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ) (الآن) (ما أَعْبُدُ) (في المستقبل) (وَلا أَنا عابِدٌ) (الآن) (ما عَبَدْتُّمْ) (في الماضي) (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ) (الآن) (ما أَعْبُدُ) (في المستقبل).
إلّا أن هذا بمجرده غير كاف. لأنه تفصيل اقتراحي غير منضبط. بل قد يشوّه السياق. ولا أعتقد أن هذه المضامين مقصودة للحكيم تعالى.
الأطروحة الثانية : إنه لا يراد من شيء من ذلك الماضي والمستقبل. وإنما يراد بها مطلق الشأنية المنسلخة عن الزمان والمكان.
فهذه الألفاظ : عبد ، عابد ، تعبدون ، عبدتم ، ألفاظ لغوية وبيانات تدل على معنى أعمق من سطحها وتفاصيلها العرفية ، وهو معنى الشأنية. ويكون المعنى : إنه ليس من شأنهم أن يعبدوا الله كما ليس من شأن النبي صلىاللهعليهوآله أن يعبد الأصنام.
وأما التعبير بالماضي أو الحال أو اسم الفاعل ونحو ذلك ، فلا أهمية له. بل المهم المفارقة والمزايلة بين فسطاطين من القلوب ، وليس من شأن أي واحد منهما أن يدخل في الآخر.
فإن أخذنا بنظر الاعتبار أن التكرار ، كان لأجل التأكيد الشديد ، كما قلنا في الوجه الأول ، صحّ ذلك تماما ، وإلّا لم يتم. لأن التكرار بالشأنية سيكون بلا موجب ، واختلاف الزمان لا اعتبار به ، كما مال إليه القاضي عبد الجبار (١). وهنا يمكن أن نلاحظ أمرين :
__________________
(١) يعني أنه مال إلى اعتبار الزمان كما سبق ...