ونتيجة ذلك : إن الكون يقاس بالأرض. أي أن فيه شهر رمضان وليلة القدر ، وكذلك : العيدان ويوم عاشوراء وغيرها ، ما دام أحد هذه الأزمنة متحققا في الأرض فانسدّ السؤال.
الوجه الثاني : أن يكون المراد من الأرض والسماء : أرض النفس وسماءها. فأرض النفس هي الشهوات وسماؤها العقل. فنعقد لذلك قضيتين :
الأولى : إن أرض النفس موجودة في الأرض الخارجية ، تحس أنها في شهر رمضان أو في ليلة القدر. لأنها حقيقة كذلك. والإنسان يعيش إحساسا هكذا.
الثانية : إن هذا الإحساس ينتشر في جميع النفس : أرضها وسمائها. لأن النفس ، كما قال الشيخ السبزواري (١) : النفس في وحدتها كل القوى. من حيث إن قواها وملكاتها متعددة ، إلّا أن النفس مجموعها واحدة لا تتعدد. بما فيها من أرض وسماء.
وعندئذ فإذا سرت ليلة القدر إلى أرض النفس من الخارج ، فقد سرت إلى النفس كلها طبقا للوحدة. فتنتشر ليلة القدر وينتشر شهر رمضان في كل النفس ، سمائها وأرضها.
الوجه الثالث : إنه يمكن القول بعد التنزل عن الوجهين السابقين : إن القرآن نزل إلى السماء الأولى في وقت كانت الأرض فيها ليلة القدر ، وكانت البشرية متصفة بهذا الزمان.
الوجه الرابع : إنها ليلة القدر بإحساس المتلقي بالعرف الأرضي وهذا يكفي. من باب كلم الناس على قدر عقولهم.
سؤال : حول قوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ). من حيث إن الخطاب للنبي صلىاللهعليهوآله وهو يعلم ما ليلة القدر. فكيف ينكر إدراكه له؟
__________________
(١) انظر غرر الفرائد في فن الحكمة ، ص ٣٠٩.