ولكن يبقى الإشكال عليه من ناحية اختلاف اشتقاق المادتين أعدّ وعدّد. فعدّه أحصاه والاسم العدد والعديد. وأعدّه لأمر كذا هيأه له. من الإعداد.
الثاني : إنه ليس ظاهرا بالقلة من ناحية التنوين ، بل هو ظاهر بالكثرة ، لأن حال اسم الجنس دال على التعدد.
إن قلت : إن الكثير لا يكون قابلا للعدّ عادة. والآية نص بالعدّ. بعد التنزل عن الوجه السابق. فتكون هنا قرينة متصلة دالة على القلة.
قلت : العدّ إما عدّ فعلي وخارجي وإما عدّ اقتضائي وذهني. فهو يحافظ على المعدودات الذهنية ، كما يحافظ على المعدودات الخارجية. وينبغي الالتفات إلى أن المال غير منحصر بالدراهم والدنانير ليعدّها أو بالغنم والبقر كذلك ، بل قد يكون أرضا أو نباتا أو عقارا.
الثالث : إن الآية خاطبت الناس على قدر عقولهم في ذلك الحين.
فالله تعالى ناظر إلى طبقة غنية ليست عالية جدا في الثراء ، كما كان المعهود في ذلك الحين. وأمثالهم يكون مالهم قليلا ويمكن عدّه ، مهما كان في نفسه كثيرا. وأمّا الطبقة الأعلى من ذلك اقتصاديا ، فهي تفهم من الآية بالأولوية لا بالنص.
الرابع : إننا يمكن أن لا نفهم من التنكير التقليل بل مجرد كونه حصة من المال ، باصطلاح علم المنطق وعلم الأصول.
الخامس : إن مال الغني إذا نسب إلى مجموع أموال المجتمع أو إلى الدخل القومي الكامل ، كان قليلا.
السادس : إن التنكير للاحتقار ـ كما في الميزان (١) ـ وليس للتقليل.
سؤال : ما هو إعراب «الذي» في قوله تعالى : (الَّذِي جَمَعَ مالاً)؟.
جوابه : قال العكبري (٢) الذي ، يحتمل الجر على البدل والنصب على إضمار أعني والرفع على هو.
__________________
(١) ج ٢٠ ص ٣٥٩.
(٢) الإملاء ج ٢ ، ص ١٥٨.