ويدل عليه قوله تعالى (١) : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ. أَمْراً مِنْ عِنْدِنا).
وباعتبار وحدة مرجع الضمير في الآيتين (أنزلناه) نعرف أنها ليلة القدر. وأنها نفسها موصوفة بأنها يفرق فيها كل أمر حكيم. فهي ليلة الفرق وهو معنى القدر. بمعنى توزيع الأوامر على مواضعها ومستحقيها.
كما نعرف من قوله تعالى (٢) : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ). بعد العلم أن مرجع الضمير في (أنزلناه) هو القرآن. إذن فيكون المراد القرآن في الآيتين. إذن ، فليلة القدر في شهر رمضان.
فالله أنزل القرآن في ليلة القدر في شهر رمضان : فينطبقان على كلا العنوانين والزمانين.
سؤال : ما هو مرجع الضمير في أنزلناه؟
جوابه : ليس له مرجع ظاهر ، والمشهور بما فيهم الميزان (٣) ، أن مرجعه القرآن ، بأحد تقريبات :
الأول : إن ترك ذكره للتعظيم.
الثاني : ما ذكره القاضي عبد الجبار (٤) من أن الأمر إذا صار معروفا جاز إرجاع الضمير إليه.
الثالث : العود إلى ما هو فعلي. لأن الكلام موجود في القرآن ، فيعود الضمير إليه. كما لو دفعت شيئا إلى شخص وقلت له : هذا ، فيعود اسم الإشارة إليه.
وفي مقابل ذلك أيضا أطروحتان محتملتان :
__________________
(١) الدخان / ٣ ـ ٥.
(٢) البقرة / ١٨٥.
(٣) ج ٢٠ ، ص ٣٣٠.
(٤) تنزيه القرآن عن المطاعن / سورة القدر.