الأول : الغفلة عن الموت ، وترتيب الأثر على الخلود. وهذا حاصل للكفار وغيرهم. قال الإمام الصادق عليهالسلام (١) : لم يخلق الله عزوجل يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت. فالناس غافلون عن الموت ، حتى كأنهم لا يذوقونه. وكلما زاد المال والسيطرة والشهرة ، زاد ابتعاد ذكر الموت عن ذهن الفرد.
الثاني : إنه يحسب أن ماله يطيل عمره ، كما يقال عادة بالتداوي والتقوّي. وهذا أيضا حاصل لكل أهل الدنيا.
الثالث : إنه يحسب أن ماله يكون سببا لخلود ذكره في الدنيا بعد موته. بعمل معين أو كتاب أو مؤسسة أو تجارة وهذا الشعور أيضا شامل للمسلمين والكفار معا.
فالاختصاص بالكفار بلا موجب. والجمع بين الوجوه الثلاثة لا بأس به.
سؤال : لما ذا قال : أخلده ، بصيغة الماضي ، ولم يقل : يخلده بصيغة المستقبل ، مع أنه القياس؟
جوابه : لأن صيغة الماضي تدل على شدة التأكيد بأن ذلك حاصل. فكأنه قد حصل فعلا. فإن وجود المعلول بوجود علته ، فكأن الفرد قد خلد فعلا من حين حصوله على المال ، وطبقة الأثرياء كأنهم يضمنون الخلود بحصولهم على المال.
سؤال : قال تعالى : (كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ). فما المراد من كلا؟ ولما ذا لم يقل لا ، أو غيرها من حروف النفي؟
جوابه : إن كلا يراد بها فائدتان : إحداهما : التهويل. وثانيهما : النفي الشديد. وفي السياق يراد به نفي الخلود.
وظاهر عبارة صاحب الميزان (٢) أن كلا المعنيين في رتبة واحدة ، وهما
__________________
(١) الخصال ص ١٤ ، وانظر من لا يحضره الفقيه ج ١ ، حديث ٥١٦.
(٢) الميزان ج ٢٠ ص ٣٥٨.