وجود الشهادة في الأمة وفي الرسول. ولا تدل على القيمومة في الأمة ولا في الرسول. وليس لها مفهوم مخالفة يدل على نفي القيمومة. والآية التي نتكلم عنها تدل على القيمومة لا على الشهادة.
فهذه هي الأطروحة الأولى لتفسير (دِينُ الْقَيِّمَةِ) يعني دين الجماعة القيمة أو دين القيمين. وهو الأرجح مما سنذكره.
ولكن توجد أطروحة ثانية يمكن أن تعرض بهذا الصدد. وهو أن يكون دين القيمة أي دين القيمومة. فإن القيم هو صفة مشبهة. بمعنى اسم الفاعل. وبالتالي فهو اسم فاعل. والقيمومة مصدر ، فتكون الآية قد استعملت اسم الفاعل بمعنى المصدر. ولا ضير في ذلك مجازا. فالدين القيّم بمعنى الدين القائم أو دين القيمومة.
ويمكننا أن نصف الدين بأنه قيّم ، وذلك على ما ورد في آيات أخرى من القرآن الكريم ، قال تعالى (١) : (إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً). أي قيّما. بحسب أهم تفاسيره أو على قراءة أخرى غير المشهورة. وقال تعالى (٢) : (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ).
فإن القيّم هو الفرد المشرف والمدبر بالمباشرة (الفاعل المختار الرشيد) ولكن حين لا يكون معه فكر أو إيديولوجية صحيحة ، فإنه سوف يسيء التصرف. بل لعل جانب الفساد منه سيكون هو الأغلب ، لأنه سوف يطيع شهوات نفسه ومصالحه الشخصية. ولكن مع وجود الدين والفكر الحاكم على هذا القيّم ، ستكون القيمومة بعدل ومطابقة للواقع. ومعه أمكن أن نصف هذا الدين أو الفكر لأنه قيّم لأنه الموجّه للقيّم.
ومعه تكون لفظة : القيّمة ، بمنزلة الصفة أو النعت للدين نفسه. كما ورد وصفه بأنه قيّم. بدون حاجة إلى تقدير موصوف أعني : الجماعة القيّمة.
__________________
(١) الأنعام / ١٦١.
(٢) التوبة / ٣٦ ، ويوسف / ٤٠ ، والروم / ٣٠.