وجود اثنين أو أكثر ليحصل ذلك. وهذا هو حال أهل الدنيا ، كل منهم يحاول الزيادة على صاحبه ، ليكون أكثر نفرا وأعز حالا.
ولكن في الإمكان صدق هذه القضية ، من دون لحاظ الآخرين. فالتكاثر هنا ليس إلّا الاستزادة من المال. وهذا هو العمدة ، وخاصة إن لاحظنا وجود الباطن السيئ لدى هذا الفرد.
فالأول من باب المفاعلة ، وهي المكاثرة ، دون الثاني ، وهو التكاثر. فإنه أعم. وكلاهما محتمل في الآية.
الثانية : إن التكاثر أما إثباتي أو ثبوتي. فالتكاثر الإثباتي هو كل صورة ذهنية لهدف دنيوي ، كأحلام اليقظة ، أو التخطيط لتجارة معينة. فهو ليس تكاثرا حقيقيا أو خارجيا ، لكنه تكاثر إثباتي. أو قل تكاثر بالحمل الأولي لا بالحمل الشائع.
ومن انتهى إلى هذه الأفكار ، فقد غفل عن الآخرة ، والتهى بالدنيا عنها. في حين أن التكاثر الثبوتي هو تطبيق تلك الأفكار عمليا وهو أشد في تسبيب اللهو.
سؤال : ما معنى المقابر؟
جوابه : قال في المفردات (١) : المقبرة والمقبرة ، موضع القبور وجمعها مقابر. قال تعالى : (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ). كناية عن الموت.
أقول : المقبرة هي الأرض كثيرة القبور. فلا تكون مقابر جمعا لها. وحسب فهمي : أن المقبرة مؤنث مقبر. وهو اسم مكان من قبره يقبره إذا أدخله القبر. فالمقبر مكان القبر ـ بمعنى المصدر ـ وعمليا هو القبر ـ بمعنى الذات ـ والمؤنث وهو المقبرة مثله. فيكون المراد من المقابر القبور لا محل اجتماعها ، وإلّا كان الجميع دالا على التعدد من محال الاجتماع ، وهو أمر غير محتمل ، إلّا أن يراد بالجمع اسم الجنس ، فيكفي وجود الواحد ، مصداقا له. وهو خلاف الظاهر.
__________________
(١) مادة «قبر».