الجنة. وفي القرآن الكريم ما يدل على كل الأمرين. قال تعالى (١) : (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ. فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً). وقال سبحانه (٢) : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ). أي لكم وليس لنفسه.
سؤال : ما معنى قوله تعالى : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ)؟.
جوابه : إن المشهور أن أمه تعبير مجازي عن جهنم ، باعتبار رجوعه إليها ، كالمأوى ، كما يأوي الطفل إلى أمه. وكذلك الهاوية. قالوا إنها إشارة إلى جهنم باعتباره يلقى فيها. ولكننا إذا اقتصرنا على هذا الفهم فإنه سيرد عليهم إشكال مفاده : أن المبتدأ والخبر واحد. وتكون القضية بمنزلة القضية بشرط المحمول ، كأنه قال : فجهنم جهنم. وهو لغو عرفا.
فإن قلت : إن كلا اللفظين يراد به الإشارة إلى جهنم من زاوية معينة ، وبعنوان غير الآخر ، فتندفع اللغوية.
قلت : هذا إنما يصح في صورة ما إذا لوحظ العنوان بما هو لا بما هو مشير إلى المعنون. مع أن فهم المشهور كون العنوان مشيرا محضا إلى المعنون ، فرجعت اللغوية.
والأطروحات المحتملة لأمه ثلاث :
أولا : الوالدة ، وهي أقرب الاحتمالات إلى المعنى الحقيقي.
ثانيا : النفس الأمارة بالسوء ، فإن الإنسان قد يطيعها كما يطيع والديه فيمكن التعبير عنها بأنها : أمه.
ثالثا : جهنم. وهو أيضا تعبير مجازي ، لوضوح عدم انطباقه حقيقة.
والأطروحات المحتملة لهاوية ثلاث أيضا :
أولا : من (الهوى) أي الرغبة والشهوة. وهذا مما لم يتعرض له المفسرون.
__________________
(١) الحجرات / ٧ ـ ٨.
(٢) الأنفال / ٦٧.