وقال (١) : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) ، أي الدين القيم أو دين الجماعة القيمة ، كما سيأتي. فيكون المضمون والقانون المسجل في الكتب هو القيم على البشر تكوينا أو تشريعا.
سؤال : حول قوله تعالى : (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ). من حيث أن السياق واضح بأن البينة هي السبب للتفرق. فكيف أصبحت كذلك ، مع أنها ينبغي أن تكون سببا لاجتماع الآراء؟
جوابه : إن «تفرق» فيه عدة احتمالات :
أولا : أن نفهم الآية الثانية على ضوء الآية الأولى. فيكون تفرق هنا بمعنى انفك السابقة. فيكون المعنى هنا أنهم انفكوا عن دينهم بالهداية ، سواء كانت هداية الأنبياء السابقين أو الهداية الإسلامية.
إذ يحتمل في البينة هنا أمران :
الامر الأول : أن يكون المراد بها بينة الإسلام. أي بعثة النبي صلىاللهعليهوآله. فيكون المعنى أنهم تركوا اليهودية والنصرانية ، فتفرقوا عن أمثالهم السابقين.
الأمر الثاني : أن نفهم منها مطلق البينة. يعني آية بينة تأتيهم ، سواء كان هو موسى (ع) أو عيسى (ع) أو سليمان (ع) ، أو محمد صلىاللهعليهوآله.
وجوابه : أعني هذا الاحتمال الأول : أن الظاهر من السياق هو اختلاف مورد الآية الثانية عن مورد الأولى. وهو على هذا الاحتمال يكون واحدا ، فيكون هذا الاحتمال منفيا بظاهر السياق.
ثانيا : ما ذكره الرازي في هامش العكبري (٢) ، من أنهم كانوا متفقين على نبوة نبينا قبل بعثته. ثم تفرقوا بعدها ، فمنهم من آمن ومنهم من
__________________
(١) البينة / ٥.
(٢) ج ٢ ، ص ١٥٤.