الجانب النفسي أي الانزجار وعدم الرغبة في الصلاة ، من قبل الناهي ، فهو معنى معنوي ، أي تكون مثل قولك : رأيت زيدا عالما.
وقوله : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى) ، ليس المراد منه رؤية شكله ووجهه بل رؤية مستواه ، من حيث إنه متدن إلى هذه الدرجة التي ينهى فيها عن الصلاة. ورؤية المستوى هي رؤية قلبية أو روحية. ولكنها مع ذلك تنصب مفعولا واحدا ، لأنها رؤية شخص محدد وليست رؤية صفته. فتندرج في القسم الثاني من الأقسام الأربعة السابقة.
والخطاب في أرأيت يعود أساسا إلى المخاطب الحقيقي ، وهو النبي صلىاللهعليهوآله. وقلنا مكررا في مباحثنا السابقة : إنه يمكن أن يراد به كل المسلمين بل كل البشر بل كل الخلق.
ولا بد من الإشارة إلى أمر لم يلتفت إليه النحويون والمنطقيون. وهو أنه إذا عاد الضمير إلى كلي كان كليا وإن عاد إلى جزئي كان جزئيا. وكذلك اسم الموصول. كما في قوله تعالى : (الَّذِي يَنْهى).
وليس المراد من قوله : (عَبْداً إِذا صَلَّى) ، النبي صلىاللهعليهوآله كما عليه فهم المفسرين الضيق. فإنهم فسروا بالمورد ، والمورد لا يخصص الوارد. وهذه قاعدة مجمع عليها في جميع المذاهب الإسلامية. مضافا إلى إخبار الجري. فيتحصل أن له انطباقات عديدة على مدى الأجيال. نعم ، إن النبي صلىاللهعليهوآله أفضل المصاديق لأنه أفضل المصلين ونهيه عن الصلاة أفسد النهي. ولكن المصاديق تبقى مستمرة ما بقيت البشرية.
كما يمكن أن نذكر هنا أطروحة أخرى ، وحاصلها :
أن الصلاة لا دخل لها في النهي ، وإنما ذكرت في الآية لأكثر من سبب :
١ ـ لأنها مصداق خارجي مفهوم.
٢ ـ لأنها أهم فروع الدين كما ورد : «إن قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سهواها» (١).
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ، ج ١ ، حديث ٦٤٠.