سؤال : لما ذا قال الله تعالى : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) ولم يقل «من» مع أنه القياس؟
جوابه لعدة وجوه :
الوجه الأول : ما اختاره الرازي في هامش العكبري (١) وصاحب الميزان (٢) بما مضمونه : إن ذلك لأجل حفظ السياق اللفظي ، فلو أبدلها ب «من» لاختل السياق.
الوجه الثاني : ما ذكره الرازي (٣) أيضا من أن «ما» مصدرية أي لا أعبد عبادتكم ولا تعبدون عبادتي.
الوجه الثالث : إن قوله : ما أعبد وما تعبدون. لا يتعين فيها شيء واحد وأمر فارد. بل هو أشياء كثيرة. فنحمل العبادة هنا على معنى الطاعة فيكون المطاع عدة أمور من كلا الجانبين.
ففي جانب الكفر ، يكون المطاع : الشيطان والشهوات والأصنام وحب الدنيا والطواغيت. وغيرها.
أما من جانب الحق ، فالمطاع القرآن والوحي والتشريع والمعصومون ونحوها.
ففي كلا الجانبين هناك من يعقل ومن لا يعقل ، والمركب ممن يعقل وما لا يعقل ، لا يعقل ، لأن النتيجة تتبع أخس المقدمتين. ولذا عبر ب «ما» التي هي لمن لا يعقل.
الوجه الرابع : إرجاع الموصول إلى المعبود بصفته معبودا. لا بصفته شخصا. والسؤال إنما يتوجه باعتبار أن ما الموصولة يراد بها الله تعالى أي «عابدون الله». وفي هذا الوجه تعود إلى عنوان المعبود.
__________________
(١) ج ٢ ص ١٥٨.
(٢) ج ٢٠ ، ص ٢٧٤.
(٣) ج ٢ ص ١٥٨.