ونحن حين نلاحظ تقابل هذين الأمرين في قوله تعالى : (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ ، كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ). فيكون الإنسان بدل الرفاه والنعيم ، تأكله النار وتحطمه وتذله إذلالا. لا يشفع له مال ولا بنون ، إلّا من أتى الله بقلب سليم. وقلبه ليس بسليم بطبيعة الحال.
ولا يخفى أن صيغة حطمة جاءت على وزن همزة ولمزة. ومن هنا نعرف سببين لهذا التعبير ، ولم يقل حاطمة. أولا : للدلالة على الشدة ، كما عرفناه. وهو مما يخلو منه اسم الفاعل. وثانيا : حفظ النسق مع الصيغ السابقة.
سؤال : ما المراد بما ، في قوله تعالى : (وَما أَدْراكَ؟).
جوابه : أحد أمرين :
الأول : أن تكون نافية ، ويكون المعنى : إنك لا تدرك ما الحطمة. وذلك للتهويل والتخويف.
الثاني : أن تكون للاستفهام. ويكون المعنى : إنك لا تدرك ما الحطمة. وذلك للتهويل والتخويف.
الثاني : أن تكون للاستفهام. ويكون المعنى : من الذي جعلك تدرك الحطمة؟ فهو استفهام استنكاري يفيد نفي مدخوله. باعتبار أن الحطمة أعظم من إمكان إدراكها وفهم مراتب عذابها.
وكلا هذين الأمرين قابل للصحة ، ومؤد للمعنى.
سؤال : ما معنى : (أَدْراكَ) ، ومن هو المخاطب فيها؟
جوابه : الإدراك. بمعنى الإدراك الذهني وهو الدراية والمعرفة. والكاف للخطاب. وهو بحسب الظهور المباشر للنبي (ص). ولكنه (ص) يعلم بالحطمة ، فلما ذا خاطبه سبحانه بذلك؟
جوابه : من عدة وجوه :
أولا : إن الخطاب ليس له بل لغيره ، من باب : إياك أعني فاسمعي يا جارة.