ويرد عليه : أنه من يسمع ذلك الصوت؟ فإنه حسب سلسلة تفكير المشهور : أن ذلك يحصل في أشراط الساعة ، وأن الأرض تخرج أثقالها وكل الناس ميتون يومئذ ، فمن يسمع؟ والصوت بدون سامع لغو!!
فإن قلت : الملائكة هي التي تسمع؟
قلت : إن المشهور يرى أنه بعد النفخة الأولى في الصور ، فإن جميع الخلق من ملائكة وبشر وجن يموتون (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ)(١). فهل الله هو المحدّث ، وهو يعلم بذلك بالعلم الأزلي. ولا حاجة له إلى هذا الحديث؟
إذا سرنا بهذا السير ، فبالإمكان القول ، إنه يحصل بعد النفخة الثانية نوع من الحياة. فحينئذ تخرج الأرض أثقالها وتحدث أخبارها. وهم الذين يسمعون.
وأضاف الطباطبائي في الميزان إلى عبارته السابقة (٢) : أو دلالتها بلسان الحال. بما وقع فيها من الأعمال. إلخ.
وحسب فهمي : أن السيد «قدّس سره» : يدعم الأطروحة الأولى بروايات وردت في البحث الروائي وإن لم يصرح بذلك. قال (٣) : ولا محل لهذا الاختلاف بعد ما سمعت ، ولا أن الحجة تتم على أحد بهذا النوع من الشهادة ، انتهى.
إن الآيات القرآنية تنص على أن كثيرا من ظواهر الطبيعة ، قابلة للإدراك كقوله تعالى (٤) : (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ). وقوله سبحانه (٥) : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ).
__________________
(١) الرحمن / ٢٧.
(٢) ج ٢٠ ، ص ٣٤٣.
(٣) المصدر والصفحة.
(٤) النور / ٤١.
(٥) الإسراء / ٤٤.