فمن أجل وحدة السياق إما أن تكون كلها مصدرية أو أن تكون كلها موصولة. ولا يمكن التغاير بينها. وما دام أحدها متعينا في الموصولية ، وهي الداخلة على الفعل الماضي ، فنحمل الباقي الذي هو مشكوك على ما هو متيقن. فتكون كلها موصولة ، وليس فيها مصدرية.
سؤال : قوله تعالى : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ). قد يقال : إنه يعطي إشعارا بإقرار الدين الذي هم عليه. بل أكثر من ذلك ، وهو عدم الأمر بالخروج منه ، وعدم المنازعة فيه. فهل هذا هو المقصود أم لا؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : إن ذلك على خلاف الحال القطعي للرسول صلىاللهعليهوآله وعقيدته ودعوته وحروبه وتكسيره الأصنام. مثل قوله تعالى (١) : (أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ).
وهذا ما التفت إليه صاحب الميزان ، حيث قال (٢) : فالدعوة الحقة التي يتضمنها القرآن ، تدفع ذلك أساسا.
الوجه الثاني : قال في الميزان (٣) : وقيل : الدين في الآية بمعنى الجزاء والمعنى : لكم جزاؤكم ولي جزائي.
أقول : يعني لكم ولي يوم للإدانة وتحمل المسئولية ويوم للثواب والعقاب وهذا معنى جيد ، ولا أقل من الاحتمال المبطل للاستدلال.
فإن هؤلاء الكفار المخاطبين بهذه السورة لا دين لهم ، أي ليس لهم مبدأ وعقيدة ، وكل فكرهم خراب لا أهمية له. وذلك بأحد تقريبين :
التقريب الأول : إن الدين هو الدين السماوي. وأما المخترعات الأرضية الدنيوية ، كالماركسية وغيرها ، فليست بدين. بل تكون كقوله تعالى (٤) :
__________________
(١) يونس / ٤١.
(٢) ج ٢٠ ، ص ٣٧٤.
(٣) ج ٢٠ ، ص ٣٧٥.
(٤) النجم / ٢٣.