جسمه حصل العلم ، بحصول الإبداع ، وقبل وجوده كان لا يعلم. إن قلنا إن الأرواح حادثة.
قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى).
قال في الميزان في معرض حديثه عن الآية (١) : ردع عما يستفاد من الآيات السابقة أنه تعالى أنعم على الإنسان بعظائم النعم مثل التعليم بالقلم وسائر ما علم ، والتعليم عن طريق الوحي ، فعلى الإنسان أن يشكره على ذلك. لكنه يكفر بنعمته ويطغى.
أقول : وفكرة الردع خطأ فظيع ، لأنه ليس في الآيات السابقات إلّا الحق. فلا معنى للردع عنها ، كما لا معنى لنفيها ، ولا يحتمل ذلك لا تكوينا ولا تشريعا. وإنما المراد استبعاد اتباعها من قبل الإنسان الذي يغلب فيه الطغيان.
فكأن الاتصال بالله شيء ووضع الإنسان خارجا شيء آخر. وأكثر الناس طغاة مع شديد الأسف. وليس فقط الحكام والجبابرة. قال تعالى (٢) : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ).
سؤال : عن معنى الطغيان؟
جوابه : أن الطغيان والسيطرة مفهومان متساويان. والإنسان عادة مسيطرة على نفسه ، وقد يكون مسيطرا على غيره. فيتخذ الأمر أشكالا من المصاديق :
أولا : التمرد على أصول الدين ، أو قل : إنكار أصول الدين. وهو عنوان عام يشمل أيّا من الأصول الخمسة. قال تعالى (٣) : (وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ).
__________________
(١) ج ٢٠ ، ص ٣٢٤.
(٢) يس / ٣٠.
(٣) فصلت / ٢٢.