فإن قلت : إذا كان حنفاء بمعنى مخلصين ، ومخلصين واردة في الآية أيضا. فما ذا يتحصل من مفهوم الآية؟
قلت : هذا له عدة أجوبة؟
الأول : إنه تكرار بغير لفظه ، فلا يكون قبيحا ، بل إنه مهم لزيادة الاهتمام والتوكيد.
الثاني : إن مخلصين معنى عام ، وحنفاء : مخلصين لله ـ كما قربنا ـ فيختلفان.
إلّا أن هذا لا يكفي لأن الإخلاص في الآية مقيد بالدين ، فإن كان حنفاء مقيدا بالدين أو بالتوحيد (وهو الدين أيضا) حصل التكرار. فإن قبلنا به رجع إلى الجواب الأول ، ولكن لو تنزلنا عن ذلك ، بطل هذا الوجه.
الثالث : أن نخص أحدهما بأصول الدين ونخص الآخر بفروعه. أو بالعكس. وكلاهما أطروحة معتمدة لدفع الإشكال. وكون مخلصين له الدين بالفروع وحنفاء بالتوحيد أو بالأصول أرجح لأكثر من قرينة.
منها : أن حنفاء إشارة إلى دين إبراهيم عليهالسلام ، ومنها : أنه ترق من الفروع إلى الأصول ، وهو ينتج زيادة في التفهيم والتأكيد ، لا يتحصل مع العكس ، وهذا الظهور واضح في الآية.
سؤال : عن إعراب مخلصين.
قال العكبري (١) : مخلصين حال من الضمير في يعبدوا (يعني : يعبدون الله حال كونهم مخلصين) وحنفاء حال أخرى. أو حال أخرى من الضمير في مخلصين (يعني مخلصين حال كونهم حنفاء) وقوله تعالى : دين القيّمة ، أي الملة أو الأمة القيّمة.
سؤال : عن معنى القيمة. وما هو التقدير المناسب لها؟
__________________
(١) ج ٢ ، ص ١٥٦.