درجة وأسماه من مقام!! فلا بدّ من تنزيل ما هو إلهي ليصبح في حدود البشرية .. فكان النزول أولا إلى اللوح ، وأمّ الكتاب ، ليمكن لنفس الرسول أن تناله .. ثم لكي يناله البشر الآخرون ، وكانت له تنزّلات أخرى إلى البيت المعمور في السماء الرابعة ، ثم إلى السماء الدنيا. ثم نزول جبرئيل به سورة سورة ، ثم نزول الآيات نجوما ..
وكان نزول القرآن بواسطة جبرئيل إيذانا بعظمة القرآن ، وبكرامة ومنزلة جبرئيل أيضا ، ثم هو تشريف وتكريم لرسول الله صلىاللهعليهوآله .. الذي استحق ذلك من خلال عمله وجهده وجهاده في سبيل رضا الله ، ونيل مراتب القرب ، ومقامات الزلفى منه تعالى .. حتى لقد استحقّ أن يكون نبيّا وآدم بين الروح والجسد ، وأن يكون نورا محدقا بعرش العظمة والجبروت ، والقدرة الإلهية ..
وكان من مفردات تكريم الله تعالى له ، أن جعل جبرئيل وهو أعظم الملائكة قدرا ، هو المبلّغ عنه إليه.
أمّا النبي موسى عليهالسلام ، فرغم ما له من عظيم المنزلة ، وجليل المقام ، قد خلق الله له الكلام في شجرة ، في البداية ..
ويشبه ما ذكرناه هنا في بعض جهاته ، ما ذكرناه حول سبب وقوع المتشابه في القرآن ، فإنّ معاني القرآن كبيرة وسامية ، لا تستطيع ألفاظ وضعها العرب لأمور حسية أو قريبة من الحس أن تستوعبها ، فكان لا بدّ من إخضاعها لدرجات من التنزيل والتلطيف. ليمكن وضعها في قوالب لفظية هذا حالها .. فمست الحاجة إلى الاستفادة من المجاز والكناية ، وسائر أنواع الدلالات ، لتكون هي المفاتيح التي تفتح للراسخين في العلم الأبواب التي يشرفون منها على عالم من المعاني الكبيرة والسامية ، ويعلّمون منها الناس كل على حسب قدره وقدرته ..