السبب الثاني : أنّ هذا التنزيل قد جاء وفق المعطيات التي أوجدتها البيانات التي وردت في السورة ، من أوّلها إلى هذا الموضع ، حيث إنها تحدثت عن نشأة الإنسان في الحياة ، وعن المستوى العظيم للرعاية والهداية الإلهية له في مسيرته في الحياة الدنيا ، والمصير الذي سينتهي إليه الأبرار والفجّار ، مع تقديم وصف دقيق لحالات الأبرار في الجنة ..
وإذا كان تصور الحقائق والدقائق التي وردت في هذه السورة ، يحتاج إلى أرقى درجات الإدراك والمعرفة واليقين ، فإن حاجة الإنسان إلى تحصيل هذا اليقين وترسيخه ، وتعميقه إنما تنبثق من حاجته إلى نيل تلك الأهداف الكبرى التي يريد الله أن ينيله إياها ، والتي يعجز عقله عن تصورها ، ويقصر خياله ووهمه عن اقتحام آفاقها .. الأمر الذي يجعل منه يقينا له تأثيره المباشر على مستوى السعي ، والجهد والإخلاص ، والخلوص في العمل في سبيل الوصول إلى تلك الغايات ، والحصول على هاتيك المرادات ، وتحقيق تلكم الأمنيات.
وذلك معناه : أن مجرد القبول والرضا ، وإظهار القناعة بما أخبرت به هذه السورة المباركة ، وبصدق الوعد الإلهي لا يفي بالمطلوب ، بل الحاجة تبقى ماسّة إلى ما هو أسمى من ذلك وأبعد ..
ولعلّ ظهور المعجزات وحدوث الخوارق للعادات ، يأتي في سلسلة الأسباب والعلل لإيجاد مستويات أعلى من اليقين والاقتناع لدى الناس. وسيكون لهذه المعجزات والخوارق أثر إيجابي في الربط على قلب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ومضاعفة صبره ، وزيادة قدراته على المواجهة ، ومكابدة المشاق ، وتحمل الأذايا في المجالات المختلفة ، وهو الذي يقول :