فكيف يوفق بين هاتين الطائفتين من الآيات؟! ..
سؤال آخر هنا أيضا وهو : أنه إذا كان القرآن قد نزل في شهر رمضان فكيف تكون البعثة النبوية في شهر رجب؟
ويمكن أن يجاب عن هذا وذاك بما يلي :
أولا : إنه قد سبق أن هناك ما يدل على نزول القرآن إلى اللوح المحفوظ .. ثم هناك ما يدل على نزوله إلى السماء الدنيا ، ثم سورة سورة ، ثم صارت تنزل الآيات تدريجا ..
وقد ذكرنا ذلك في بحث لنا حول السبب في تقديم آية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (١) على آية : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (٢) فراجع (٣) ..
وعلى هذا فيمكن القول بأن النزول الدفعي للقرآن قد كان في شهر رمضان ، وفي ليلة مباركة ، هي ليلة القدر. ثم بدأ في السابع والعشرين من شهر رجب ينزل سورة سورة ، وتدريجا ..
ثانيا : بالنسبة إلى البعثة في شهر رجب نقول :
إنه لا يجب أن تكون البعثة مقترنة بنزول القرآن ، فيمكن أن يبعثه الله في شهر رجب ، ثم يبدأ نزول القرآن بعد شهر ، أو شهور ، أو أكثر ، أو أقل ، لأن البعثة هي مجرّد أن يخبر جبرئيل رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الله بأنه نبيّ ، وقد يخبره بذلك منذ صغره ، كما كان الحال بالنسبة
__________________
(١) سورة المائدة الآية ٣.
(٢) سورة المائدة الآية ٦٧.
(٣) راجع كتاب «مختصر مفيد» ج ٤.