قد يقال : إن هناك ما يدل على عدم الفرق بين الإنزال والتنزيل ، فقد قال تعالى : (أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) (١).
وقال تعالى : (نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) (٢).
وقال : (نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) (٣).
وقال : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) (٤).
والجواب : أن اختلاف التعبير ، لا بدّ أن يوجب اختلاف الخصوصية الملحوظة ، ولعلّ الخصوصية هي لحاظ التدرّج في نزول الماء ، أو الآيات تارة ، ولحاظ مجموع الآيات النازلة ، أو مجموع الماء النازل أخرى. كما أن تنزّل الكتاب على سبيل الإجلال والإكرام له ، قد كان كذلك أيضا ، فنزل إلى اللوح المحفوظ ، ثم إلى السماء الرابعة ، حيث البيت المعمور ، ثم إلى السماء الدنيا ، ثم صار ينزل سورة سورة ، ثم صارت تنزل آياته نجوما.
فحين يلاحظ هذا النزول التدريجي التكريمي ، يكون التعبير بنزّل. وحين يلاحظ نزوله بلحاظ وصوله تاما بمجموعه إلى أهله أخرى .. من دون لحاظ ذلك التدرج التكريمي ، فيكون التعبير بأنزل.
وقد يقال : إن قوله تعالى : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) (٥). يشير إلى عدم الفرق بين الإنزال والتنزيل ، حيث استعمل التنزيل في
__________________
(١) سورة العنكبوت الآية ٥١.
(٢) سورة البقرة الآية ١٧٦.
(٣) سورة البقرة الآية ٦٣.
(٤) سورة البقرة الآية ٢٢.
(٥) سورة الفرقان الآية ٣٢.