الخير لمربوبيه ، وهو يرعاهم ، ويهتم بهم ، ولم يزل يفيض عليهم البركات ، والألطاف ، والنعم .. إنها عطاء ممن يملك خزائن كل شيء ..
إن المطلوب هو التحدث بالنعم لا على سبيل الافتخار ، بل لأجل الترغيب بها ، والاعتراف بالفضل الإلهي ، والكون في مواقع الشكر والحمد ..
وبذلك يعرف الفرق بين هذه النظرة ، وبين النظرة القارونية ، فقد أهلك قارون ماله ، ولم يصغ إلى نصيحة قومه في أن يبتغي بما آتاه الله الدار الآخرة ، وأن يحسن كما أحسن الله إليه ، وأن لا يبغي الفساد في الأرض. ولا يفرح ..
فأجابهم بقوله : (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ* فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) (١) ..
وكانت عاقبته أن خسف الله به وبداره الأرض ..
٥ ـ وقد بين تعالى خصوصية هامة هنا ، حين أتبع ذلك بقوله في الآية التالية : (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ..) حيث بيّن أنهم قد حصلوا على هذه الزينة الظاهرة من موقع الاستحقاق ، وهي أيضا من جملة النعم التي اختصهم الله بها ، ثم هي عطاء كرامة وإعزاز ، وليس عطاء عشوائيا وبلا ضابطة.
كما أنه لا يراد بها إشعار الآخرين بالفاقدية والحرمان. ولكنها لا بد أن تكون حسرة على أعداء الله ، تزيد في مكروههم ، وتضاعف في آلامهم التي كسبتها لهم أيديهم ..
__________________
(١) سورة القصص الآيتان ٧٨ / ٧٩.