غزوة تبوك فى أثناء الطريق كما قال عبد الله بن وهب : أخبرنى عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبى هلال عن عتبة ابن أبى عتبة عن نافع بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه قيل لعمر بن الخطاب : حدثنا عن شأن ساعة العسرة ، فقال عمر : خرجنا إلى تبوك فى قيظ شديد فنزلنا منزلا وأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع ، حتى أن كان أحدنا ليذهب فيلتمس الرجل فلا يجده حتى يظن أن رقبته ستنقطع حتى أن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ثم يجعل ما بقى على كبده ، فقال أبو بكر الصديق : يا رسول الله إن الله قد عودك فى الدعاء خيرا ، فادع الله لنا ، فقال : أو تحب ذلك؟ قال : نعم ، قال : فرفع يديه نحو السماء فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأطلت ثم سكبت فملئوا ما معهم ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر ، وهذا إسناد جيد قوى ولم يخرجوه ، وقد قال الواقدى كان مع المسلمين فى هذه الغزوة اثنا عشر ألف بعير ومثلها من الخيل ، وكانوا ثلاثين ألفا من المقاتلة، قال : ونزل من المطر ماء أغدق الأرض حتى صارت الغدران تسكب بعضها فى بعض وذلك فى حمأة القيظ أى شدة الحر البليغ ، فصلوات الله وسلامه عليه ، وكم له عليهالسلام من مثل هذا فى غير ما حديث صحيح ولله الحمد ، وقد تقدم أنه لما دعا على قريش حين استعصت أن يسلط الله عليها سبعا كسبع يوسف فأصابتهم سنة حصت كل شيء حتى أكلوا العظام والكلاب والعلهز ، ثم أتى أبو سفيان يشفع عنده فى أن يدعو الله لهم ، فدعا لهم فرفع ذلك عنهم ، وقد قال البخارى : حدثنا الحسن بن محمد ، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصارى ، حدثنا أبى عبد الله بن المثنى عن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس ابن مالك أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس وقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك نعم نبينا فاسقنا ، قال فيسقون (١) ، تفرد به البخارى.
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء (١٠١٠) (٣ / ٥٢٤).