وقال الحافظ البيهقى : أنا أبو بكر بن الحارث الأصبهانى ، حدثنا أبو محمد ابن حبان ، حدثنا عبد الله بن مصعب ، حدثنا عبد الجبار ، حدثنا مروان ابن معاوية ، حدثنا محمد بن أبى ذئب المدنى عن عبد الله بن محمد بن عمر بن حاطب الجمحي عن أبى وجرة يزيد بن عبيد السلمى قال : لما قفل رسول الله صلىاللهعليهوسلم من غزوة تبوك أتاه وفد بنى فزارة فيهم بضعة عشر رجلا فيهم خارجة بن الحصين ، والحر بن قيس ـ وهو أصغرهم ـ ابن أخى عيينة بن حصن ، فنزلوا فى دار رملة بنت الحارث من الأنصار ، وقدموا على إبل ضعاف عجاف وهم مسنتون ، فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم مقرين بالإسلام ، فسألهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن بلادهم قالوا : يا رسول بالله ، أسنتت بلادنا ، وأجدبت أحياؤنا ، وعريت عيالنا ، وهلكت مواشينا ، فادع ربك أن يغيثنا ، وتشفع لنا إلى ربك ويشفع ربك إليك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : سبحان الله ، ويلك هذا ما شفعت إلى ربى ، فمن ذا الّذي يشفع ربنا إليه؟ لا إله إلا الله وسع كرسيه السموات والأرض وهو يئط من عظمته وجلاله كما يئط الرجل الجديد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن الله يضحك من شفقتكم وأزلكم وقرب غياثكم ، فقال الأعرابى : ويضحك ربنا يا رسول الله؟ قال : نعم ، فقال الأعرابى : لن نعدم يا رسول الله من رب يضحك خيرا ، فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قوله ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فصعد المنبر وتكلم بكلام ورفع يديه ـ وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يرفع يديه فى شيء من الدعاء إلا فى الاستسقاء ـ ورفع يديه حتى رئى بياض إبطيه ، وكان مما حفظ من دعائه : الله اسق بلدك وبهائمك ، وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت ، اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا طبقا واسعا عاجلا غير آجل نافعا غير ضار. اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق ولا محق ، اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء ، فقام أبو لبابة بن عبد المنذر فقال : يا رسول الله إن التمر فى المرابد (١) ، فقال رسول الله : اللهم اسقنا ، فقال أبو لبابة التمر فى المرابد ، ثلاث مرات ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اللهم
__________________
(١) المرابد : جمع مربد وهو ما يبسط فيه التمر ويجفف.