لمثل الزجاجة ، فهاجت الريح أنشأت سحابا ، ثم اجتمع ، ثم أرسلت السماء عزاليها فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا فلم يزل تمطر إلى الجمعة الأخرى ، فقام إليه ذلك الرجل أو غيره فقال : يا رسول الله تهدمت البيوت فادع الله يحبسه ، فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : حوالينا ولا علينا ، فنظرت إلى السحاب يتصدع حول المدينة كأنه إكليل ، فهذه طرق متواترة عن أنس بن مالك لأنها تفيد القطع عند أئمة هذا الشأن ، وقال البيهقى بإسناده من غير وجه إلى أبى معمر سعيد بن أبى خيثم الهلالى عن مسلم الملائى عن أنس بن مالك قال: جاء أعرابى فقال : يا رسول الله والله لقد أتيناك ، وما لنا بعير يبسط ولا صبى يصطبح وأنشد :
أتيناك والعذراء يدمى لبانها (١) |
|
وقد شغلت أمّ الصبى عن الطّفل |
وألقى بكفّيه الفتى لاستكانة |
|
من الجوع ضعفا قائما وهو لا يخلى |
ولا شيء ممّا يأكل النّاس عندنا |
|
سوى الحنظل العامىّ والعلهز (٢) الفسل (٣) |
وليس لنا إلّا إليك فرارنا |
|
وأين فرار الناس إلا إلى الرّسل |
قال : فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم رفع يديه نحو السماء وقال : اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا سريعا غدقا طبقا عاجلا غير رائث ، نافعا غير ضار تملأ به الضرع ، وتنبت به الزرع ، ويحيى به الأرض (بعد موتها) وكذلك تخرجون. قال : فو الله ما رد يده إلى نحره حتى ألقت السماء بأوراقها ، وجاء أهل البطانة يصيحون : يا رسول الله الغرق الغرق ، فرفع يديه إلى السماء وقال : اللهم حوالينا ولا علينا ، فانجاب السحاب عن المدينة حتى أحدق بها كالإكليل فضحك رسول
__________________
(١) لبانها : صدرها.
(٢) العلهز : نبات.
(٣) الفسل : الرديء.