مريم عليهالسلام ، دعاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم لغير ما واحد فمن أسلم من الجن فشفى ، وفارقهم خوفا منه ومهابة له ، وامتثالا لأمره. صلوات الله وسلامه عليه ، وقد بعث الله نفرا من الجن يستمعون القرآن فآمنوا به وصدقوه ورجعوا إلى قومهم فدعوهم إلى دين محمد صلىاللهعليهوسلم وحذروهم مخالفته ؛ لأنه كان مبعوثا إلى الإنس والجن ، فآمنت طوائف من الجن كثيرة كما ذكرنا ، ووفدت إليه منهم وفود كثيرة وقرأ عليهم سورة الرحمن ، وخبرهم بما لمن آمن منهم من الجنان ، وما لمن كفر من النيران ، وشرع لهم ما يأكلون وما يطعمون دوابهم ، فدل على أنه بين لهم ما هو أهم من ذلك وأكبر.
وقد ذكر أبو نعيم هاهنا حديث الغول التى كانت تسرق التمر من جماعة من أصحابه صلىاللهعليهوسلم ويريدون إحضارها إليه فتمتنع كل الامتناع خوفا من المثول بين يديه ، ثم افتدت منهم بتعليمهم قراءة آية الكرسى التى لا يقرب قارئها الشيطان ، وقد سقنا ذلك بطرقه وألفاظه عن تفسير آية الكرسى من كتابنا التفسير ولله الحمد ، والغول هى الجن المتبدى بالليل فى صورة مرعبة.
وذكر أبو نعيم هاهنا حماية جبريل له عليهالسلام غير ما مرة من أبى جهل كما ذكرنا فى السيرة ، وذكر مقاتلة جبريل وميكائيل عن يمينه وشماله يوم أحد ، وأماما جمع الله تعالى لسليمان من النبوة والملك كما كان أبوه من قبله ، فقد خير الله عبده محمدا صلىاللهعليهوسلم بين أن يكون ملكا نبيا أو عبدا رسولا ، فاستشار جبريل فى ذلك فأشار إليه وعليه أن يتواضع ، فاختار أن يكون عبدا رسولا.
وقد روى ذلك من حديث عائشة وابن عباس ، ولا شك أن منصب الرسالة أعلى ، وقد عرضت على نبينا صلىاللهعليهوسلم كنوز الأرض فأباها ، قال : ولو شئت لأجرى الله معى جبال الأرض ذهبا ، ولكن أجوع يوما وأشبع يوما ، وقد ذكرنا ذلك كله بأدلته وأسانيده فى التفسير وفى السيرة أيضا ولله