وقد تقدم فى الخصائص ذكر ما اختص به رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن بقية إخوانه من الأنبياءعليهمالسلام ، كما ثبت فى الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلى ، نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا ، فأينما رجل من أمتى أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لى الغنائم ولم تحل لأحد قبلى ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه ، وبعثت إلى الناس عامة ، وقد تكلمنا على ذلك وما شاكله فيما سلف بما أغنى عن إعادته ولله الحمد.
وقد ذكر غير واحد من العلماء أن كل معجزة (لنبى) من الأنبياء فهى معجزة لخاتمهم محمد صلىاللهعليهوسلم وذلك أن كلا منهم بشر بمبعثه ، وأمر بمتابعته ، كما قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٨٢)) (١).
وقد ذكر البخارى وغيره عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال : ما بعث الله نبيا من الأنبياء إلا أخذ عليه العهد والميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به وليتبعنه ولينصرنه.
وذكر غير واحد من العلماء أن كرامات الأولياء معجزات للأنبياء ؛ لأن الولى إنما نال ذلك ببركة متابعته لنبيه ، وثواب إيمانه.
والمقصود أنه كان الباعث لى على عقد هذا الباب أنى وقفت على مولد اختصره من سيرة الإمام محمد بن إسحاق بن يسار وغيرهما شيخنا الإمام العلامة شيخ الإسلام كمال الدين أبو المعالى محمد بن على الأنصارى السماكى ، نسبه إلى أبى دجانة الأنصارى سماك بن حرب بن حرشة الأوسى ،
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآيتان : ٨١ ـ ٨٢.