يؤتى الله ملكه من يشاء (١) ، وهكذا وقع سواء ، فإن أبا بكر رضى الله عنه كانت خلافته سنتين وأربعة أشهر إلا عشر ليال ، وكانت خلافة عمر عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام ، وخلافة عثمان اثنتا عشرة سنة إلا اثنا عشر يوما ، وكانت خلافة على ابن أبي طالب خمس سنين إلا شهرين. قلت : وتكميل الثلاثين بخلافة الحسن بن على نحوا من ستة أشهر ، حتى نزل عنها لمعاوية عام أربعين من الهجرة ، كما سيأتى بيانه وتفصيله ، وقال يعقوب بن سفيان : حدثنى محمد بن فضيل ، حدثنا مؤمل ، حدثنا حماد بن سلمة عن على ابن زيد عن عبد الرحمن بن أبى بكرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : خلافة نبوة ثلاثون عاما ثم يؤتى الله ملكه من يشاء ، فقال معاوية : رضينا بالملك (٢).
وهذا الحديث فيه رد صريح على الروافض المنكرين لخلافة الثلاثة ، وعلى النواصب من بنى أمية ومن تبعهم من أهل الشام ، فى إنكار خلافة على بن أبى طالب ، فإن قيل : فما وجه الجمع بين حديث سفينة هذا.
وبين حديث جابر بن سمرة المتقدم فى صحيح مسلم : لا يزال هذا الدين قائما ما كان فى الناس اثنا عشر خليفة كلهم من قريش؟ فالجواب : إن من الناس من قال : إن الدين لم يزل قائما حتى ولى اثنا عشر خليفة ، ثم وقع تخبيط بعدهم فى زمان بنى أمية ، وقال آخرون : بل هذا الحديث فيه بشارة بوجود اثنى عشر خليفة عادلا من قريش. وإن لم يوجدوا على الولاء ، إنما اتفق وقوع الخلافة المتتابعة بعد النبوة فى ثلاثين سنة ، ثم كانت بعد ذلك خلفاء راشدون ، فيهم عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموى رضى الله عنه.
__________________
(١) أحمد في مسنده (٥ / ٤٤).
(٢) أحمد في مسنده (٤ / ٢٧٣).