ما يمكن ، وهو العبادة والتذلل ، فلا يستعقب ثوابا ، فان المؤدي لما وجب عليه لا يستحق به عوضا.
والجواب : أن الوجوب ليس هو الشرعي ، بل هو متعلق المدح. والمرتد لا يستحق ثوابا ، لان شرط استحقاق الثواب الموافاة ولم تحصل.
لا يقال : الموافاة لو كانت شرطا لزم أن تكون العلة انما تؤثر حال عدمها لا حال وجودها.
لانا نقول : الاستمرار على الطاعة هو الشرط ، وهو المراد بالموافاة ، لا عدم الحياة.
وقول البلخي ضعيف ، فان الشكر هو الاعتراف بنعمة المنعم مع ضرب من التعظيم ، وهو ضروري للعقلاء ، اذ يحكم كل عاقل بوجوب شكر المنعم بهذا المعنى أما كيفية الشرائع فلا.
وأما استحقاق العاصي للعقاب بالمعصية ، فقد اتفق أهل العدل عليه ، خلافا للاشاعرة. لكنهم اختلفوا : فالمعتزلة على أنه عقلي ، والمرجئة والامامية على أنه سمعي.
احتجت المعتزلة : بأن فعل العقاب لطف فيكون واجبا ، أما المقدمة الاولى فلان المكلف اذا علم أنه متى عصي عوقب كان ذلك زاجرا له. وأما الثانية فقد سلفت.
أقول : لما فرغ من بحث المعاد وبيان صحته شرع في [بيان] الامور المرتبة على العود ، وهي مباحث الوعد والوعيد. والوعد هو : الاخبار بوصول نفع ، أو دفع ضرر الى الغير ، أو عنه من جهة المخبر. والوعيد هو : الاخبار بوصول ضرر ، أو فوت نفع الى الغير من جهة المخبر ، وذلك النفع هو الثواب والضرر هو العقاب.