العالم أو غيره ، ان كان الاول لزم التداخل لانه ملاء وان كان في غيره لزم شكلة كرة ، لما تقدم من أن الشكل الطبيعي هو الكرة ، فلو وجد كرة أخرى ، فيكون بينهما خلاء.
الثاني : لو صحت الاعادة لانتفت الاعادة ، واللازم باطل فكذا الملزوم. بيان الملازمة: لو أكل انسان انسانا آخر بحيث صارت أجزاء المأكول أجزاء الاخر (١) ، فيوم القيامة اما يعاد تلك الاجزاء الى الاكل فيضيع المأكول ، أو المأكول فيضيع الاكل ، لكن تخصيص أحدهما بالاعادة ترجيح من غير مرجح وهو محال ، فيكون المعاد محالا ، وهو المطلوب.
والجواب عن الاول : أنا نختار أنها في هذا العالم ، والتداخل انما يلزم لو بقي هذا العالم على حاله وكان ملاء ، أما على تقدير عدمه كقوله تعالى (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) (٢) ، أو على تقدير وجوده ويكون خلاء ، كما قد دللنا عليه ، فلا يلزم ذلك.
وعن الثاني : أنا قد بينا أن الانسان عبارة عن الاجزاء الاصلية التي هي داخل هذا البدن ، فالاجزاء المأكولة فضلية بالنسبة الى الاكل ، وأصلية بالنسبة الى المأكول ، فتعاد الى المأكول ولا يلزم ضياع الاكل ، لانها فضلية بالنسبة إليه فكلاهما يعاد ، وهو المطلوب.
أما تقرير هذا فنقول : الاعادة واجبة اما عقلا وسمعا معا أو سمعا لا غير. فالاول كل من له ثواب ، فانه يجب اعادته لوجوب وصول حقه إليه ، أو عوض اما عليه تعالى فلئلا يلزم الظلم المنفي عنه تعالى ، أو على غيره فلوجوب الانتصاف.
__________________
(١) فى «ن» للآكل.
(٢) سورة ابراهيم : ٤٨.